الجزائر: مقاومة نقابية وسياسية لتعديل نظام التقاعد

الجزائر: مقاومة نقابية وسياسية لتعديل نظام التقاعد

27 نوفمبر 2016
التعديل يمنع التقاعد قبل 60عاماً (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -
شرع البرلمان الجزائري أمس، الأحد، في مناقشة قانون التقاعد الجديد وذلك على مدار ثلاثة أيام، وسط غليان النقابات العمالية التي اختارت التصعيد والاعتصام أمام البرلمان بعد سلسلة من الإضرابات .
ومن المقرر أن يصادق البرلمان على التعديل في نهاية الشهر الجاري، القاضي بعدم السماح بالتقاعد قبل الـ60 عاماً.
وشهد محيط البرلمان تواجداً كثيفا للشرطة الجزائرية التي أغلقت الساحة المقابلة لمبنى "زيغود يوسف"، لمنع تكتل النقابات (17 نقابة من 7 قطاعات) من الاعتصام، بالإضافة إلى إقامة نقاط مراقبة في مداخل العاصمة الجزائرية لمنع النقابيين من الوصول إلى مكان الاعتصام.
وفي السياق، كشف مسعود عمراوي، المكلف بالإعلام في الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، لـ "العربي الجديد"، "تعرض العديد من قيادات النقابات المشكّلة للتكتل النقابي للاعتقال، كما أن مقرات نقابات التكتل محاصرة من طرف الأمن، ناهيك عن التضييق على مداخل العاصمة من جميع الجهات، مما شكل اختناقا كبيرا في حركة المرور لثني الوافدين من دخول العاصمة والمشاركة في الوقفة الاحتجاجية."
ولفت رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، مزيان مريان، إلى أن قوات الشرطة تراقب مقرات النقابات منذ إعلانها التصعيد.
الأجواء داخل البرلمان لم تختلف عن تلك الموجودة خارجه، حيث عرفت أروقة الغرفة التشريعية حالة من التشنج بين نواب الموالاة والمعارضة، ما دفع رئيس البرلمان، العربي ولد خليفة، إلى تأخير افتتاح جلسة المناقشة لأكثر من ساعة، فيما طغت لغة الاتهامات على خطاب وتصريحات النواب.
وقال يوسف خبابة، النائب عن تكتل الجزائر الخضراء الإسلامي المعارض: "في الوقت الذي كنا ننتظر فيه اجتماع أعضاء اللجنة المكلفة بمناقشة مشروع قانون التقاعد لمواصلة جلسات الاستماع لمختلف النقابات وفق البرنامج المحدد من قبل اللجنة، فوجئنا نحن أعضاء اللجنة من تكتل الجزائر الخضراء وأحزاب أخرى بدعوة عن طريق رسالة هاتفية قصيرة من رئيس اللجنة للاجتماع قصد مناقشة التقرير التمهيدي لمشروع القانون".
واتهم النائب اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسة مشروع قانون التقاعد قبل عرضه على النواب بـ "ممارسة أعمال تزوير محضة، ومحاولة بائسة لتمرير تقرير أعدته وزارة العمل بالنيابة عن اللجنة".
واتهم النائب عن حزب العمال اليساري رمضان تاعزيبت، الحكومة بممارسة العنف في تمرير القوانين، إذ لا يمكن، حسب المتحدث ذاته لـ "العربي الجديد"، أن يُعدّل قانون يهم الشعب الجزائري دون فتح حوار وطني.

وقال تاعزيبت: "لا يمكن أن نصوت لصالح قانون ينزع مكاسب حققها العمال تلبية لطلب رجال الأعمال".
أحزاب الموالاة أو السلطة، كما يحلو للصحافة الجزائرية تسميتها، كانت خريطة طريقها واضحة ولا تحتمل أكثر من مسار واحد، هو تعبيد الطريق أمام الحكومة لتمرير القانون كونها تحوز أغلبية المقاعد.
ويرى رئيس كتلة جبهة التحرير الوطني صاحب الأغلبية البرلمانية، محمد جميعي، أنه من واجب العمال التضامن مع الحكومة في هذا الوقت الصعب الذي تمر به البلاد، مضيفا أن "أحزاب المعارضة عودتنا على معارضة كل شيء، دون أن تقدم البديل".
وقررت الحكومة تعديل نظام التقاعد بعد رفع اجتماع الثلاثية، الذي ضم الحكومة ومنظمات أصحاب العمل بالإضافة إلى الاتحاد العام للعمال الجزائريين، مقترحا يدعو إلى إلغاء نظام التقاعد الحالي المبني على ثلاثة أصناف وُضعت سنة 1997، الأول أبقت عليه الحكومة، ويتضمن الاعتماد على سن 60 سنة، مع العمل لمدة 15 سنة على الأقل، بينما ألغى التعديل المقترح الصنفين الآخرين، حيث يتعلق النوع الثاني من التقاعد باستيفاء العامل مدة عمل لا تقل عن 32 سنة مع التأمين، والنوع الثالث يتمثل في التقاعد النسبي الذي يشترط بلوغ 50 سنة على الأقل، مع توفر على الأقل 20 سنة من العمل بدفع اشتراكات الضمان الاجتماعي، مع إمكانية تخفيض مدة السن من فترة النشاط بالنسبة إلى العمال الإناث بـ 5 سنوات.
وتبرر الحكومة هذا التعديل بضرورة إقامة "عدالة اجتماعية بين الأجيال" من خلال إطالة عمر الصندوق الوطني للتقاعد الذي تقول الحكومة إنه يترنح ولن يصمد كثيراً .
وتبدو الحكومة الجزائرية مصرة على تعديل نظام التقاعد بالرغم من الغليان العمالي، حيث تذهب جميع تصريحات الوزراء في هذا الاتجاه، فرئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال، لا يفوت أية فرصة للتأكيد على أن نظام التقاعد سيعدل حتما.
وعلى الطريق ذاته يسير وزير العمل والضمان الاجتماعي، محمد الغازي، حيث صرح مؤخرا أن "تعديل قانون التقاعد هو أمر حتمي وواقع على النقابات والعمال فهمه جيداً".

المساهمون