مصر تتجه لزيادة أسعار البترول بعد تأخر مساعدات السعودية

مصر تتجه لزيادة أسعار البترول بعد تأخر مساعدات السعودية

08 أكتوبر 2016
أزمة الوقود تعود مجدداً إلى مصر (سيد الباز/الأناضول)
+ الخط -
تتجه الحكومة المصرية لإقرار زيادة جديدة في أسعار المواد البترولية، في ظل ضغوط تتعلق بالوفاء بالاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي، فضلا عن عدم حصول القاهرة على مخصصات المساعدات البترولية السعودية لشهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، واضطرارها إلى زيادة مناقصات الاستيراد.

وقال مصدر مسؤول في وزارة البترول المصرية، في تصريحات إلى "العربي الجديد"، إن الحكومة تدرس خفض الدعم عن المواد البترولية قبل الحصول على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد.

وأضاف المصدر، أن خفض دعم المواد البترولية سيكون قريباً، دون أن يحدد موعداً لذلك، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولي يشترط حزمة من الشروط لصرف القرض لمصر، منها خفض الدعم.

شروط الصندوق

ومن المقرر أن تبلغ قيمة الشريحة الأولى للقرض نحو 2.5 مليار دولار، وفق ما ذكره، مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط في الصندوق خلال مؤتمر صحافي يوم الجمعة الماضي، مضيفاً أنه يأمل في الحصول على موافقة مجلس الصندوق على برنامج القرض خلال

نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

وقال مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد، إن برنامج القرض يتضمن شروطاً من بينها تقليص عجز الموازنة في مصر والتحول بسعر الصرف إلى نظام تحدده السوق بشكل أوسع.

وتوصلت مصر في أغسطس/آب الماضي، إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لمنحها قرضاً بقيمة 12 مليار دولار، بمعدل 3 مليارات دولار سنوياً.

وكانت الحكومة المصرية قد خفضت دعم الوقود في يوليو/تموز 2014، ورفعت آنذاك أسعار البنزين والسولار بنسب تراوحت بين 40% و78%.

وقال مصدران حكوميان مصريان لرويترز في أغسطس/ آب الماضي، إن القاهرة تستهدف إلغاء دعم الوقود نهائياً في غضون ثلاث سنوات، بداية من السنة المالية الحالية 2016 /2017 التي بدأت مطلع يوليو/تموز وحتى العام المالي 2018 /2019.

وأضاف أحد المصدرين اللذين اشترطا عدم نشر اسميهما: "ما تم الاتفاق عليه مؤخرا مع بعثة صندوق النقد في مصر هو إلغاء دعم الوقود خلال ثلاث سنوات".

ارتفاع الأسعار

ويباع لتر البنزين فئة (92 أوكتين) بنحو 58% من تكلفته الفعلية حاليا، بحسب البيانات الحكومية، والبنزين (80 أوكتين) بنحو 57% من التكلفة، والسولار بنحو 53% من التكلفة الفعلية.

وكانت الحكومة قد رفعت في يوليو/ تموز 2014 أسعار المنتجات البترولية، ليصل سعر البنزين ( 92 أوكتين ) إلى 2.60 جنيه للتر ( 0.36 دولار) بسعر الصرف آنذاك المحدد بـ 7.15 جنيهات، بزيادة 40% عن السعر المعمول به قبل القرار والبالغ 1.85 جنيه للتر.

كما ارتفع سعر البنزين (80 أوكتين) إلى 1.60 جنيه للتر بزيادة 78% عن السعر السابق المحدد بنحو 0.90 جنيه، وأصبح سعر البنزين (95 أوكتين) للسيارات الفاخرة التي تمثل نسبة محدودة من العربات في مصر 6.25 جنيهات للتر بارتفاع 7% عن مستواه السابق البالغ 5.85 جنيهات، أما السولار فأصبح بـ 1.80 جنيه للتر من 1.10 جنيه بزيادة 63%.

ويتوقع محللون ماليون أن تصل أسعار البنزين ( 92 أوكتين) إلى 4.10 جنيهات، والبنزين ( 80 أوكتين) إلى 2.60 جنيه، بعد رفع الدعم المخطط له.

ويبلغ الاستهلاك المحلي من البنزين 6.1 ملايين طن سنوياً، ويستحوذ بنزين (80 أوكتين) على أكبر نسبة من إجمالي الاستهلاك بقيمة 2.7 مليون طن، يليه بنزين ( 92 أوكتين) بنحو 2.5 مليون طن، وبنزين (95 أوكتين) نحو 400 ألف طن، وفقا لبيانات الهيئة المصرية العامة للبترول.

واعتبر حسام عرفات، رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن

ضخ كميات الوقود لمحطات البنزين منتظم وبالمعدل الطبيعي، وبالتالي ليس هناك نية لخفض الدعم عن المواد البترولية.

وقال عرفات لـ"العربي الجديد"، إن الشعبة اجتمعت مع وزارة البترول قبل أيام، للتأكيد على عدم رفع أسعار الوقود تأثراً بإقرار قانون القيمة المضافة.

لكن تامر أبو بكر، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية ورئيس غرفة البترول والتعدين، قال "الجميع على يقين بأن الحكومة سترفع أسعار الوقود، فهي لم تخف ذلك، والرئيس عبد الفتاح السيسي أكد مع توليه الحكم ( يونيو/حزيران 2014) أنه سيتم إلغاء دعم الطاقة خلال 4 سنوات بحد أقصى".

وأضاف أبو بكر في تصريحات خاصة، أن "أسعار بنزين 80 و92 والسولار ما تزال مدعومة حتى الآن، رغم خفض أسعار الوقود عالمياً".

ومن جانبه، قال فخري الفقي، الخبير الاقتصادي ومستشار صندوق النقد الدولي السابق، في تصريحات خاصة، إن "صندوق النقد الدولي يشترط أن تنفذ مصر جميع الشروط التي طلبها الصندوق منها، والتي لم يتم الإعلان عنها وتخفيها الحكومة حتى الآن، ومن بينها خفض دعم الطاقة، حتى تتمكن من الحصول على الشريحة الأولى من قرض الصندوق".

وأضاف الفقي أن "مصر تمر بأزمة اقتصادية شديدة، والسبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة، هو تطبيق البرنامج الاقتصادي الذي عرضته الحكومة على صندوق النقد، ولا سيما أننا نعاني من ندرة في النقد الأجنبي وانفلات في سعر الصرف وهو ما لا يحفز أي مستثمر على الاستثمار في مصر".

ويتزامن اتجاه الحكومة لإقرار زيادة جديدة في أسعار المواد البترولية، مع أزمة حادة في توفر هذه المواد في العديد من محافظات جنوبي مصر (الصعيد)، ما أدى إلى رواج السوق السوداء وارتفاع أسعار بنزين 80 والسولار وأسطوانات غاز الطهو "البوتاغاز" بنحو كبير.

وكان تجار قالوا لرويترز يوم الجمعة الماضي، إن مصر لم تتلق مخصصات المساعدات البترولية السعودية لشهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، مما اضطر الهيئة المصرية العامة للبترول إلى زيادة مناقصاتها سريعاً حتى في ظل نقص حاد في الدولار وزيادة المتأخرات المستحقة لشركات إنتاج النفط.

ووافقت السعودية على إمداد مصر بمنتجات بترولية مكررة بواقع 700 ألف طن شهرياً لمدة خمس سنوات، بموجب اتفاق بقيمة 23 مليار دولار بين شركة أرامكو السعودية والهيئة المصرية العامة للبترول في وقت سابق من العام الحالي.

وقال تاجر يتعامل مع الهيئة المصرية العامة للبترول لرويترز إن تسليم منتجات أرامكو السعودية توقف في الأول من الشهر الجاري، غير أن السبب لم يتضح إلى الآن.

وضخت المملكة مليارات الدولارات شملت منحا في الاقتصاد المصري منذ إطاحة الجيش الرئيس الأسبق محمد مرسي، الذي وصل إلى الحكم عبر أول انتخابات رئاسية نزيهة تشهدها البلاد بعد ثورة يناير 2011.

ووفرت المساعدات البترولية لمصر مئات الملايين من الدولارات شهرياً، في وقت تواجه فيه البلاد نقصاً حاداً في العملة الصعبة، مما اضطرها إلى ترشيد استخدام الدولار لصالح شراء السلع الأساسية، والتفاوض على ترتيبات ائتمانية طويلة الأجل مع منتجي البترول للحفاظ على تدفق الإمدادات المهمة.

المساهمون