إفطار وسحور بلا كهرباء في غزة.. رمضان مُظلم

إفطار وسحور بلا كهرباء في غزة.. رمضان مُظلم

02 يوليو 2015
تزيد أزمة الكهرباء بغزة في الصيف(العربي الجديد/عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يتحسس الأربعيني رائد أبو أحمد، من منطقة الصبرة وسط مدينة غزة، رفوف خزانته فجراً، بحثاً عن مصباح الإضاءة مسبق الشحن (الكشاف)، لينير منزله ويكسر العتمة التي تسبب بها انقطاع التيار الكهربائي، قبيل موعد تحضير السحور.

إفطار أو سحور على العتمة، أو كلاهما، هو المشهد اليومي المكرر في منزل عائلة أبو أحمد المكونة من تسعة أفراد، وكل العائلات الفلسطينية في قطاع غزة، نتيجة أزمة الكهرباء الحادة، التي بدأت منذ قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية محطة توليد الكهرباء الوحيدة صيف 2006، وتفاقمت نتيجة استمرار الحصار وإغلاق المعابر.

"ثماني ساعات فصل، مقابل ثماني ساعات إنارة"، هو جدول "أحسن الأحوال" الكهربائي الذي بات يعتبره الغزّيون "أهون قدر"، في القطاع الذي يعد صاحب أعلى كثافة سكانية في العالم، والذي يقطنه نحو 1.8 مليون نسمة، في مساحة تبلغ 360 كم مربع.

ويقول رائد أبو أحمد لـ "العربي الجديد": "لا يمر يوم بدون قطع التيار الكهربائي لساعات طويلة، دون مراعاة درجات الحرارة العالية والصيام، حتى أصبحت تلك الأزمة من أبرز المنغصات اليومية، إلى جانب البطالة وانعدام فرص العمل وإغلاق المعابر".

"نكهة شهر رمضان منقوصة بسبب تواصل الأزمة الخانقة للكهرباء، فنحن نتناول سحورنا على العتمة، وفطورنا على العتمة"، هكذا يصف أبو أحمد أوضاع عائلته في رمضان. ويضيف بسخرية "أصبحنا نتابع أخبار الكهرباء والجداول الخاصة بها مثل متابعتنا لأهم الأنباء".

وعن محاولاته للتغلب على أزمة الكهرباء، يقول: "استخدمت مختلف أنواع المولدات الكهربائية، وعانيت كثيراً من شح الوقود اللازم لتشغيلها وغلاء ثمنه، كما استخدمت أجهزة الـ (يو بي اس) صاحبة الأعطال الكثيرة، وتيقنت أنه لا يوجد بديل عملي عن وجود التيار الكهربائي".

اقرأ أيضاً: أزمة وقود تهدد سكان غزة بصيف حار

مناطق وأحياء بأكملها تغرق في الظلام بعد الدقيقة الأخيرة من الساعة الثامنة لوصل الكهرباء، فتبدأ حكاية الغزّيين مع الألم والظلام، وفي الوقت ذاته، تضج المنطقة المجاورة بالأضواء وأصوات التصفير، بعد وصلها بالكهرباء لثماني ساعات جديدة.

وتقول المواطنة الغزية سناء السرحي (44 عاماً) من منطقة النفق شرقي مدينة غزة، إنّ تحضير الفطور والسحور الرمضاني مرهقٌ جداً مع انقطاع الكهرباء. وتضيف لـ "العربي الجديد": "السيدات يشعرن بقطع التيار الكهربائي أكثر من الرجال، لاعتمادهن عليه في الغسيل والتنظيف وتجهيز الطعام وكل مستلزمات البيت"، مشيرة إلى أنّ "الإرهاق الذي يسببه قطع التيار الكهربائي في رمضان مضاعف، خاصة في لحظات تجهيز الطعام".

وتواصل حديثها: "أزمة الكهرباء تضطرني يومياً إلى الذهاب للسوق برفقة زوجي لشراء مستلزمات الطعام، التي تعتمد على الثلاجة في حفظها، لأنها تفسد بمجرد انقطاع الكهرباء بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وعدم قدرتنا على تشغيل الثلاجة بواسطة الأجهزة البديلة عن الكهرباء".

وتتمنى السرحي أن تنتهي المعاناة المتفاقمة لأهالي قطاع غزة في مختلف النواحي، وتقول: "من حقنا العيش بكرامة وإنسانية مثل باقي الشعوب التي لا تفكر في الكهرباء والمعابر والحدود، وتفكر فقط في كيفية قضاء اليوم والتحضير للغد".

الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي لم يكتف بالتأثير على المستويين الاجتماعي والإنساني، بل تعدى ذلك ليؤثر وبشكل كبير على المستوى الاقتصادي، ما ألحق خسائر مباشرة بسبب فساد بعض المواد الغذائية، وغير مباشرة نتيجة إغلاق أبوابه بعد انقطاع الكهرباء.

ويقول أبو مصطفى أبو شقفة، وهو صاحب بقالة لبيع المواد الغذائية: "فور انقطاع التيار الكهربائي تنعدم الحركة في الشوارع، وتنعدم الحركة الشرائية، وينتهي اليوم"، لافتاً إلى الاختلاف الكبير الذي أحدثته أزمة الكهرباء على حركة الشراء والبيع.

ويضيف: "في السابق كانت الكهرباء متوفرة على مدار الساعة، والشوارع مكتظة حتى ساعات متأخرة من الليل".

وتوفر محطة الكهرباء التي تعمل بشكل جزئي نحو 65 ميغاوات من الكهرباء لسكان قطاع غزة، ويتم استقدام حوالى 120 ميغاوات من الاحتلال الإسرائيلي إضافة إلى 22 ميغاوات من مصر في أفضل الأحوال، في حين تقدر حاجة القطاع بنحو 400 ميغاوات.

ويطالب رئيس سلطة الطاقة في غزة، المهندس فتحي الشيخ خليل، حكومة الوفاق الوطني برفع الضرائب بشكل دائم وكامل عن وقود محطة التوليد الوحيدة في القطاع، كنوع من المساهمة من الحكومة للتخفيف من واحدة من أزمات غزة المتعددة.


اقرأ أيضاً:
أزمة بسبب تعطل أحد خطوط نقل الوقود إلى غزة
ضخ وقود لمحطة توليد كهرباء غزة

المساهمون