رمضان في السودان: شهر جشع التجار

رمضان في السودان: شهر جشع التجار

27 يونيو 2014
القدرة الشرائية للمواطنين في تراجع متواصل (نيغال بافيت/getty)
+ الخط -

 

يحل شهر رمضان على السودان، وسط أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة. إذ إن الأزمة الاقتصادية التي يعيشها هذا البلد منذ قرابة الثلاثة أعوام، أي عقب انفصال الجنوب وتكوينه لدولته المستقلة في 2011، أثرت بشكل مباشر على تحضيرات المواطنين لاستقبال رمضان.

وما يزيد من الأزمة، جشع التجار واستغلالهم لحاجة الناس إلى بعض المواد الغذائية المرتبطة بطقوس شهر رمضان، فإذا بهم يعوّضون كساد أسواقهم طوال الفترة الماضية، برفع الأسعار بما يفوق نسبة الـ 100%.

جولة لـ"العربي الجديد" في الأسواق، كفيلة بأن توضح الصورة. صورة السودان المأزوم، وسكانه وتجّاره..

 

ارتفاع مخيف للأسعار

 

"الاسعار هذه الايام ارتفعت بطريقة مخيفة"، هذا ما تقوله فاطمة بشرى لـ"العربي الجديد"، وتضيف: "كنا نشتري احتياجات رمضان بالجملة وبكميات تكفينا الشهر كله، لكن الآن لا ندري كيف نوفر احتياجاتنا، فقد تراكمت علينا الديون لصاحب المتجر، والتي ندفعها شهرياً من راتبنا. حتى أننا نستدين الخبز".

ووصلت الاسعار في الاسواق السودانية لأرقام قياسية مع حلول شهر رمضان، الذي يعد من الاشهر التي يكثر فيها الإقبال خصوصاً على المواد التموينية. ومع ارتفاع الأسعار تتضخم أرباح التجار الى مستويات قياسية أيضاً.

فسعر الـ50 كلغ. من السكر ارتفع إلى ما بين 285 و300 جنيه على المستهلك، بينما سعره من المصنع 150 جنيهاً فقط.

أما الزيت فارتفع  إلى 275 جنيهاً سودانياً. كما شهدت أسعار الخضروات ارتفاعاً ملحوظاً يصل في بعضها إلى نسبة 100%.

 

التجار يشكون دائماً

وبرغم أرباحهم المتصاعدة، يشكو التجار من ضعف الحركة الاقتصادية في الخرطوم. شكواهم تتركز على تراجع القوة الشرائية خلال الموسم الحالي مقارنة بالموسم الماضي، لكنهم يعدّونه جزءاً من الكساد الذي لحق بالسوق خلال الفترة الماضية، بسبب ارتفاع الأسعار.

ويقول التاجر عباس عابدين لـ"العربي الجديد" ان السوق هذه الفترة تشهد ركوداً كبيراً، لاسيما أن الاقبال بات ضعيفاً جداً.

ويضيف: "زمان الناس كانت تشتري بالجملة، أما الآن فالمواطن لا يبتاع سوى الحاجيات الضرورية وبكميات بسيطة". وينفي عابدين ارتفاع أرباح التجار، معتبراً أن الأسعار ارتفعت على التاجر وعلى المستهلك في آن واحد.

غير أن المواطنة إيمان نور تؤكد أنها هذا العام اكتفت بشراء 10 كيلوغرامات من السكر مثلاً، لصناعة العصائر وخلافه من المواد الأساسية خلال الإفطار. وتقول: "لا يوجد سيولة، وأفكر بالاستغناء عن العصائر بالمياه". وتردف: "استغنينا في رمضان هذا العام عن حاجات كثيرة كنا قد اعتدنا شراءها".

 

عدم تحديد هوامش الأرباح

 

لكن الخبير الاقتصادي محمد الناير يوصّف لـ"العربي الجديد" أسباب الأزمة، ويقول: "إن استغلال التجار لموسم رمضان لتحقيق أرباح كبيرة، يخلق ضغطاً على المستهلكين".

ويضيف: "السلع الرمضانية تشهد خلال هذا الشهر طلباً كبيراً، وعادة لا يكون لها بدائل مشابهة، وتطبيق سياسة التحرير الاقتصادي يؤدي الى تسعير المستورد وتاجر الجملة والتجزئة أسعار السلع وفق مزاجهم، من دون تحديد هامش الربح، ويأتي ذلك في ظل تراجع صرف العملة المحلية أمام العملات الصعبة".

ويشرح الناير، أن: "تراجع القوة الشرائية ناتج من انتهاج الحكومة لسياسة انكماشية بسبب مخاوف التضخم، الأمر الذي يقود إلى شح السيولة".

ويؤكد: "الدولة بحاجة إلى حلول عاجلة لقضية الاسعار كونها  تؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي وعلى حياة المواطن".

ويلفت الى ضرورة: "استقطاب مدخرات المغتربين التي تقدر بين اربعة إلى ستة مليارات دولار. وعلى الحكومة أن تفعّل قرار البنك المركزي الخاص بتمكين المغتربين من تحويل المبالغ من الخارج بالعملات الصعبة من دون عوائق، الأمر الذي يسهم في استقرار سعر الصرف".

ويشير إلى أهمية زيادة الانتاج والإنتاجية، وضبط الاسعار عبر إعداد برنامج متكامل.  

المساهمون