هزيمة اليمين المتطرف في فرنسا تعزز ثقة المستثمرين في أوروبا

هزيمة اليمين المتطرف في فرنسا تعزز ثقة المستثمرين في أوروبا

29 يونيو 2021
تظاهرة في فرنسا ضد اليمين المتطرف (العربي الجديد)
+ الخط -

بثت نتائج الانتخابات الإقليمية الفرنسية، التي مني فيها اليمين الفرنسي المتطرف بهزيمة قاسية، الهدوء وسط المستثمرين في أدوات الدين الأوروبي، وتراجع قلق الصناديق والبنوك الاستثمارية من احتمال حدوث اضطرابات عرقية واجتماعية تعرقل النمو الاقتصادي بفرنسا، ثاني أكبر الاقتصادات في أوروبا.

ودفعت النتائج إلى تراجع العائد على سندات الخزينة الفرنسية أجل 10 سنوات، كما قلصت الفجوة بين عائد السندات الفرنسية وبين العائد على السندات السيادية الألمانية أجل عشر سنوات، التي تعد الملاذ الآمن في أوروبا.
ومن المتوقع أن تنعكس نتائج الانتخابات على جاذبية السندات الأوروبية المشتركة، التي طرحتها المفوضية الأوروبية في منتصف الشهر، من نتائج الانتخابات الفرنسية. 
وكانت أوروبا قد طرحت الشريحة الأولى من السندات الأوروبية المشتركة، التي تبلغ قيمتها الإجمالية 800 مليار يورو (نحو تريليون دولار)، ومن المتوقع أن تطرح المفوضية الأوروبية المزيد من الشرائح خلال الأشهر المقبلة، وسط الإقبال الذي وجدته من المستثمرين. وطرحت الشريحة بقيمة 20 مليار يورو، (نحو 24 مليار دولار).

الطلب على السندات الأوروبية المشتركة بات يتفوق على الأصول الأوروبية الأخرى، والسندات الألمانية أكثر السندات الأوروبية جاذبية للمستثمرين

ووفق محللين، فإن الطلب على السندات الأوروبية المشتركة بات يتفوق على الأصول الأوروبية الأخرى. ويتوقع خبراء أن تساهم السندات المشتركة في خفض العائد على سندات دول الجنوب الأوروبي الضعيفة، وزيادة الجذب الاستثماري العالمي نحو شراء أصول الدين الأوروبية، كما ستقلل كذلك من الفجوة بين السندات الألمانية والإيطالية.

وتعد السندات الألمانية، التي تعتبر أكثر السندات الأوروبية جاذبية للمستثمرين، سندات القياس الاستثماري لسندات باقي دول المجموعة، بسبب عدم وجود مخاطر عليها مقارنة بسندات دول اليورو الأخرى.

وبلغ العائد على السندات الألمانية أجل عشر سنوات، أول من أمس الثلاثاء، "ناقص 0.18%"، بينما بلغ العائد على السندات الفرنسية، التي تأثرت إيجاباً خلال الأسبوع بخسارة المرشحة اليمينية في الانتخابات الإقليمية الفرنسية، "0.159%". 

في المقابل، ارتفع العائد على السندات الأوروبية المشتركة، يوم الثلاثاء، في التعاملات الصباحية، ولكنه عاد إلى مستوياته الطبيعية في الظهيرة، مع تركيز المستثمرين على معدل التضخم في دول المجموعة، ومراقبة تداعياته على سياسة التحفيز النقدي التي ينفذها البنك المركزي الأوروبي. ويضع البنك مستوى مستهدفاً للتضخم تحت معدل 2.0%. 
وقال محللون بمصرف "أي أن جي" الهولندي، في مذكرة أمس الثلاثاء، "إنهم يتوقعون أن ترفع عمليات فتح الاقتصادات الأوروبية هذا الصيف من معدل التضخم بمنطقة اليورو، التي تنمو بمعدلات أسرع من باقي دول الاتحاد الأوروبي".

وفي هذا الصدد، قال محلل الأسواق بالمصرف الاستثماري الهولندي أنتوني بوفي: "أرى أن فجوة العائد بين السندات السيادية الفرنسية والألمانية ستتراجع بعد ظهور نتائج الانتخابات البلدية في فرنسا". 
من جانبه، قال الاقتصادي بمصرف "مورغان ستانلي" الأميركي جاكوب نيل، في تحليل لرويترز "أرى أن العائد على السندات الأوروبية سيرتفع تبعاً لارتفاع عائد السندات الأميركية، حيث إن البنك المركزي يواصل برنامج شراء السندات الحكومية ولا تزال الفائدة تحت الصفر". 

خصصت دول المجموعة الأوروبية 800 مليار يورو " نحو تريليون دولار" خلال العام الماضي للإنعاش الاقتصادي عبر إصدار "سندات دين أوروبية"

وكانت دول الاتحاد الأوروبي قد أقرت السندات المشتركة في العام الماضي، لإنعاش الاقتصادات الأوروبية التي عانت من الركود الحاد بسبب جائحة كورونا. 
وخصصت دول المجموعة الأوروبية 800 مليار يورو (نحو تريليون دولار) خلال العام الماضي للإنعاش الاقتصادي، عبر إصدار "سندات دين أوروبية" تضمنها المفوضية الأوروبية التي تضم جميع الدول المنضوية تحت الاتحاد، وليس البنك المركزي الأوروبي الذي يضم 19 دولة. 
وتعتبر هذه السندات أول تجربة لإصدار سندات مشتركة لدول الاتحاد التي تضم دول الاتحاد الـ27 دولة، وربما سيعني نجاحها تحول دول الاتحاد الأوروبي تدريجياً نحو مشروع "الوحدة النقدية المثالية"، التي يطمح إلى تحقيقها بعض قادة أوروبا، لبناء دولة أوروبا الواحدة، مثل ما هو الحال في الولايات المتحدة. 

ويرى محللون أن فتح الاقتصادات الأوروبية خلال الصيف الجاري سيرفع من النمو الاقتصادي في دول منطقة اليورو. كما ستواصل المصارف الأوروبية التمويلات شبه المجانية المتاحة من البنك المركزي الأوروبي، الذي يواصل اعتماد فائدة تحت الصفر لمساعدة خطط الانتعاش الاقتصادي. 
من جانبها، توقعت وكالة بلومبيرغ ارتفاع إصدارات الدين الخاص للشركات الأوروبية خلال العام الجاري. وقال ماثيو بيلبي، المحلل الاقتصادي بمصرف "جي بي مورغان"، للوكالة: "إن الشركات تقترض الآن من أسواق المال بفائدة منخفضة لكي تسدد ديونها السابقة التي حل أجل سدادها وفائدتها مرتفعة نسبياً، إلى جانب تمويل احتياجاتها بتكلفة منخفضة. 
يذكر أن الاتحاد الأوروبي استبعد عشرة مصارف من إدارة مبيعات السندات الأوروبية المشتركة، بسبب انتهاكاتها لقواعد مكافحة الاحتكار. وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" وقتها أن الاتحاد الأوروبي أخبر 10 بنوك، من بينها "جي بي مورغان" و"سيتي غروب" و"بنك أوف أميركا" و"باركليز"، أنها لا تستطيع المشاركة في هذه الصفقات، بسبب تورطها السابق في فضائح التلاعب في السوق.

المساهمون