مؤشرات سلبية للاقتصاد الأميركي..فجوة متزايدة بين الأثرياء والفقراء

مؤشرات سلبية للاقتصاد الأميركي..فجوة متزايدة بين الأثرياء والفقراء

25 ابريل 2021
انقسام أميركي واضح ومتزايد على أساس اقتصادي ومالي (Getty)
+ الخط -

بعد أربع سنوات لم تتناول نشرات الأخبار في القنوات الأميركية خلالها شيئاً أكثر مما فعلت مع ما أطلقوا عليه "الانقسام السياسي Political Divide"، يبدو أن الانقسام، الذي بدأ مع وصول الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما إلى البيت الأبيض عام 2009، وعززه بدرجة كبيرة الرئيس السابق دونالد ترامب، لم يقتصر على السياسة فقط، وإنما امتد للعديد من جوانب الحياة عند الأميركيين، قبل أن يطغى بوضوح على الحياة الاقتصادية لديهم. 
وفي الوقت الذي تحدثت فيه بعض التقارير عن ارتفاع ثروات الأميركيين بصورة كبيرة خلال عام الوباء، أظهرت تقارير أخرى أن هناك من يعانون على الأراضي الأميركية، بدرجة لا يمكن تصورها عمن ينتمون للدولة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم. 
ولم تأت التقارير بغريب، حيث كان لافتاً للنظر خلال العام الماضي أعداد الأميركيين، من كافة الألوان والأعراق، الباحثين عن لقيمات صغيرة في صناديق القمامة، كما الأعداد الهائلة المصطفة انتظاراً للحصول على وجبات مجانية، في الولايات المختلفة. 

وأظهرت دراسة حديثة نشرت يوم الثلاثاء الماضي، وشارك في إعدادها الاقتصاديون جيهون هان من جامعة جيجيانج، وبروس ماير من جامعة شيكاغو، وجيمس سوليفان من جامعة نوتردام، أن نسبة الأميركيين تحت خط الفقر ارتفعت خلال شهر مارس / آذار الماضي إلى 11.7%، مع ارتفاع أعداد المصابين بالوباء وانتهاء العديد من برامج الحماية الاجتماعية التي أقرتها إدارة ترامب، قبل خروجه من البيت الأبيض.  
وبعد انخفاض أعداد الفقراء في أميركا في شهر يونيو / حزيران من العام الماضي، بفعل حزمة الإنقاذ الأولى التي اقترحها ترامب وأقرها الكونغرس الأميركي، وشملت مدفوعات نقدية مباشرة للمواطنين، وتعويضات بطالة شديدة السخاء، بالإضافة إلى مميزات أخرى، عاد العدد للارتفاع في الشهور التالية، التي لم تشهد أية مدفوعات جديدة حتى نهاية العام.

نسبة الأميركيين تحت خط الفقر ارتفعت خلال شهر مارس / آذار الماضي إلى 11.7%، مع ارتفاع أعداد المصابين بالوباء وانتهاء العديد من برامج الحماية الاجتماعية

وأشارت الدراسة إلى أن أكبر أعداد من الفقراء خلال النصف الثاني من العام الماضي جاءت من الأميركيين من أصل أفريقي، والأطفال، ومن لم تتجاوز شهاداتهم العلمية التعليم الثانوي، وأن معدل الفقر بين المواطنين السود كان ضعف نظيره بين المواطنين البيض. 
وعلى ما يبدو، لا تعكس هذه الصورة القاتمة الأوضاع في الولايات المتحدة بصورة دقيقة، حيث  أظهر تحليل صدر الأسبوع الماضي عن مركز الأبحاث "أميركيون من أجل العدالة الضريبية" أن ثروات الفئة الأكثر ثراء في الولايات المتحدة، والتي شهدت ارتفاعاً منتظماً خلال العقود الثلاثة الأخيرة، شهدت طفرة خلال عام الجائحة.  
وأكد مركز الأبحاث، الذي يعد واحداً من أهم جماعات الضغط في واشنطن، أن الثروات المجمعة لمجموعة من المليارديرات الأميركيين شديدي الثراء قفزت من 2.95 تريليون دولار في مارس / آذار من العام الماضي إلى 4.56 تريليونات دولار في 12 أبريل/نيسان من العام الحالي، بزيادة 1.62 تريليون دولار، تمثل ارتفاعاً بنسبة 55%، استحوذ 15 مليارديراً فقط على أكثر من ثلثها، بينما كان نصيب ال 340 مليون أميركي الآخرين يقل عن ثلثيها.

وأشار المركز إلى أن هذه الطفرة تحققت في وقتٍ كان أكثر من سبعٍ وسبعين مليون أميركي يعانون بسبب فقدان وظائفهم، وأكثر من ثلاثين مليوناً آخرين يصارعون الوباء الذي تمكن منهم. 

 الثروات المجمعة لمجموعة من المليارديرات الأميركيين شديدي الثراء قفزت من 2.95 تريليون دولار في مارس / آذار 2020  إلى 4.56 تريليونات دولار في 12 أبريل/نيسان 2021

وجاء تقرير المركز بعد أسبوعٍ واحد من نشر مجلة فوربس الشهيرة قائمتها للمليارديرات، والتي اشتملت على 2755 مليارديرا حول العالم، بعد انضمام 660 اسماً جديداً، كانت الولايات المتحدة صاحبة الإضافة الأكبر لها خلال العام الماضي.

وأكدت المجلة أن 86% من هؤلاء المليارديرات شهدوا ارتفاعاً في ثرواتهم خلال عام الجائحة، وأن ثروات هؤلاء المليارديرات تضاعفت 19 مرة خلال الواحد وثلاثين عاماً الأخيرة، وأن عددهم من الأميركيين ارتفع من 66 فقط في عام 1990 ليصبح 719 في وقتنا الحالي.

وعلى نحوٍ متصل، وفي مقالٍ له، علق فيه على الطفرة التي حدثت في ثروات المليارديرات حول العالم خلال عام الجائحة، وعنونه "عملية التعجيل بالإثراء"، قال راندل لين، المسؤول عن المحتوى في مجلة فوربس، إن"الأرقام ستثير غضب الكثيرين على الأرجح، لأنه لا يمكن الالتفاف حول ارتفاع في الثروات بقيمة إجمالية تقدر بخمسة تريليونات دولار خلال فترة الجائحة، حيث كان أغلب سكان العالم يعانون بسبب الرعب والمرض والحصار المفروض عليهم". 

واحتفظ الأميركي جيف بيزوس، المؤسس والرئيس التنفيذي لعملاق التجارة الإلكترونية "أمازون"، بموقعه على رأس قائمة مليارديرات العالم للعام الرابع على التوالي، وتلاه إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لرائد صناعة السيارات الكهربائية "تسلا"، بعد أن ارتفع سهم الشركة التي يمتلك 22.4% منها بأكثر من 700 % خلال عام 2020. 

هذه الطفرة تحققت في وقتٍ كان أكثر من سبعٍ وسبعين مليون أميركي يعانون بسبب فقدان وظائفهم، وأكثر من ثلاثين مليوناً آخرين يصارعون الوباء الذي تمكن منهم. 

ورغم تنازله عن 36 مليار دولار من ثروته لزوجته عند انفصالهما، قدرت ثروة بيزوس، الذي يستعد لترك منصب الرئيس التنفيذي مع نهاية العام الحالي، بنحو 177 مليار دولار، تمثل أكثر من متوسط دخل 2.5 مليون أسرة أميركية في عام، ويقول البعض إنها لو وضعت دولاراً بجوار دولار تُكَوِّن شريطاً يمكن لفه حول الكرة الأرضية أكثر من سبعمائة مرة.

وارتفعت ثروة بيزوس بنسبة 74% خلال الثلاثة عشر شهراً الأخيرة، بينما سجلت ثروة ماسك ارتفاعاً بنسبة تقترب من 600% خلال نفس الفترة.  

وتعد ولاية كاليفورنيا الأميركية المكان المفضل لمليارديرات العالم، حيث يقيم فيها 188 منهم، يأتي على رأسهم مارك زوكربرغ، مؤسس ورئيس فيسبوك، وسيرجي برين ولاري بيج، مؤسسا شركة غوغل صاحبة محرك البحث الشهير، ولورين باول جوبز، أرملة ستيف جوبز مؤسس شركة "آبل"، صاحبة الحواسب الشهيرة من ماركة "ماك" والهواتف الذكية "آبل".  
 

المساهمون