غزة تترقب مئات شاحنات المساعدات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

غزة تترقب مئات شاحنات المساعدات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

23 نوفمبر 2023
فلسطينية تحمل الخبز خارج مدرسة تابعة للأمم المتحدة في غزة (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -

يأتي الاتفاق على هدنة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والاحتلال الإسرائيلي برعاية قطرية مصرية، وسط أوضاع معيشية مآساوية يعيشها سكان قطاع غزة، في ظل استهداف الاحتلال تدمير كافة مقومات الحياة.

ويترقب الفلسطينيون في غزة دخول مئات شاحنات الغذاء والوقود والأدوية، حسب الاتفاق، من أجل تلبية احتياجاتهم بعد نفاد المخزونات وتدمير معظم المنشآت التجارية والصناعية الخدمية وتخريب مساحات زراعية كبيرة.

وكان الاحتلال الإسرائيلي عمد منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر الماضي إلى استهداف البنية التحتية والمعيشية والاقتصادية في قطاع غزة المحاصر بالأساس، منذ أن صعدت حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية عام 2006.

استهداف المشاريع الاقتصادية
وخلال أيام العدوان الإسرائيلي التي دخلت أسبوعها السادس على التوالي، اتجه الاحتلال للتركيز على استهداف المنطقة الغربية لمدينة غزة التي تشهد تمركزًا للمشاريع الاقتصادية، إلى جانب البنية التحتية والأبراج والتجمعات السكنية، ما عكس سلوكًا إسرائيليًا مخططًا لهذا الأمر.

ووفق تقديرات وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، فإن ما لا يقل عن 45% إلى 50% من الشقق السكنية في القطاع تعرضت لدمار جزئي أو كلي بليغ نتيجة للقصف الإسرائيلي الجوي والمدفعي أو حتى من خلال الزوارق والبوارج الحربية.

وبحسب هذه البيانات، فإن القصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير أكثر من 45 ألف وحدة سكنية وألحقت أضراراً بأكثر من 222 ألف وحدة سكنية، فضلاً عن قصف عدد من الأبراج السكنية وتدميرها، وهو أمر اعتاد عليه الفلسطينيون خلال الحروب الإسرائيلية السابقة.

أزمات الغذاء وترقب المساعدات
وفي الوقت الذي تترقب فيه غزة تنفيذ بنود اتفاق الهدنة، وأبرزها دخول المساعدات المكدسة في الجهة المقابلة وتحديدا رفح والعريش (شمال شرق مصر)، تكشف بيانات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن 70% من سكان جنوب غزة لا يستطيعون الحصول على المياه النظيفة، في الوقت الذي تعمل فيه محطة التحلية الموجودة في مدينة خانيونس جنوبي القطاع بطاقة لا تتجاوز 5%. وشملت بنود اتفاقية الهدنة التي ستستمر لمدة 4 أيام، حسب ما أعلنته حماس، أول من أمس، إدخال مئات شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى كل مناطق قطاع غزة.
ويعاني سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة حاليًا من انعدام الأمن الغذائي، جراء إغلاق المعابر الحدودية وعدم تدفق المساعدات المتراكمة في الجانب المصري بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة منذ اليوم الثالث للعدوان الإسرائيلي على غزة وعرقلة إدخالها. وأرسلت نحو 30 دولة ومؤسسات دولية طائرات وشاحنات محملة بالمساعدات الغذائية والدوائية بشكل متواصل طوال فترة الحرب، إلا أن معظمها ما زال مكدسا بسبب إغلاق الحكومة المصرية لمعبر رفح وعدم إدخال سوى كميات قليلة من المساعدات بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي.

وقبل الحرب الإسرائيلية الجارية على غزة، كان متوسط الشاحنات التي يتم إدخالها للقطاع يومياً يبلغ 500 شاحنة من خلال بوابة صلاح الدين التي تربط القطاع بالأراضي المصرية، أو من خلال معبر كرم أبوسالم الواقع جنوب شرق القطاع والذي يربطه بالأراضي المحتلة عام 1948، في حين حاليا يبلغ متوسط الشاحنات التي تدخل أقل من 30 شاحنة يوميا كلها من معبر رفح.

قصف المتاجر والمصارف
وطاول القصف الإسرائيلي الكثير من المشاريع التجارية والمحال النشطة في مجال بيع السلع الغذائية أو الأجهزة الإلكترونية بالإضافة لبعض محال الصرافة، وهو ما كبد أصحاب المشاريع خسائر مالية بعشرات الملايين من الدولار الأميركية.

في الوقت ذاته، فإن العدوان الإسرائيلي أدى إلى توقف عمل المصارف في القطاع وتأخر سداد الديون المتراكمة على أصحابها، فضلاً عن عدم صرف الرواتب الخاصة بالموظفين، سواء المحسوبين على السلطة أو على الحكومة التي تديرها حركة حماس.
إلى جانب ذلك، تعمّد الاحتلال الإسرائيلي استهداف البنية التحتية الخاصة بشركات الاتصالات والهواتف الخلوية، وهو ما تسبب في دمار كبير بممتلكات الشركتين العاملتين في هذا المجال، فضلا عن تضرر شبكات الاتصال بشكلٍ كامل في القطاع. في الأثناء، يقول المختص في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب إن الواقع الاقتصادي تدهور كثيرا خلال الحرب الإسرائيلية الجارية نتيجة للقيود التي فرضت وحالة الدمار الكبيرة التي لحقت بالمنشآت، فضلاً عن تعمد استهداف البنية التحتية بشكلٍ كثيف ومركز.

ويضيف أبو جياب لـ "العربي الجديد" أن نسبة الفقر ارتفعت بشكل كبير في صفوف السكان، لا سيما مع نزوح مئات الآلاف من غزة والشمال نحو الوسط والجنوب في القطاع، خصوصا مع فقدان الكثيرين منهم فرص عملهم التي هي بالأساس يومية.

ويشير إلى أن نسبة الفقر من المتوقع أن ترتفع بشكلٍ كبير في أعقاب العدوان، خصوصاً مع حالة الدمار التي حلت بالكثير من المشاريع الاقتصادية في غزة، فضلاً عن الدمار الذي حل بمنطقتي غزة والشمال، وهو ما سينعكس بالسلب على مئات الآلاف من الفلسطينيين.

وينوه أبو جياب إلى أن نسبة الفقر كانت تقترب من 50%، في حين كانت نسبة البطالة مرتفعة في صفوف الشباب وتصل إلى 60%، وترتفع في صفوف الإناث لتصل إلى 80%، وهو أمر يتصاعد بوتيرة أكبر جراء الحرب الإسرائيلية الحالية على القطاع. ويحذر المختص في الشأن الاقتصادي من صعوبة الأوضاع المعيشية التي يعيشها القطاع خلال الفترة الحالية في ضوء الدمار الكبير الذي حل بالبنية التحتية لغزة، وهو أمر قد يعيدها سنوات طويلة للوراء في ضوء القصف الإسرائيلي المكثف الذي طاول المنشآت الاقتصادية.

المساهمون