عيد الميلاد "صامت" في بيت لحم هذا العام

عيد الميلاد "صامت" في بيت لحم هذا العام

17 ديسمبر 2023
لن تقام احتفالات عيد الميلاد في كنيسة المهد تضامناً مع غزة (Getty)
+ الخط -

مع تواصل الحرب الإسرائيلية على غزة، تغّير المشهد هذا العام خارج كنيسة المهد في بيت لحم، فلا أضواء تزّين المكان، ولا حشود تتدفق للصلاة والاحتفال بيوم عيد الميلاد.

ومع احتدام الحرب، على مسافة نحو 100 كيلومتر، والتي أدت إلى استشهاد آلاف الفلسطينيين وتشريد حوالى مليونَي شخص، سيكون عيد الميلاد صامتاً في الضفة الغربية المحتلة.

وفي السنوات العادية، تكون بيت لحم "مدينة مليئة بالناس ومليئة بالسياح" وفق ما قال عبود الصبح (30 عاماً) واقفاً في متجره الفارغ حيث يبيع أوشحة كشمير وحقائب يد جلدية. وأضاف "لقد عطلت الحرب كل شيء".

عيد الميلاد واختفاء السياح

اتخذ قادة الكنيسة في القدس ومجلس مدينة بيت لحم قراراً، الشهر الماضي، بعدم تنظيم "أي احتفال غير ضروري" في مناسبة عيد الميلاد، تضامناً مع سكان غزة.

وسيأتي بطريرك القدس اللاتيني لإقامة قداس منتصف الليل التقليدي عشية عيد الميلاد، لكن مع بقاء الحجاج بعيداً وفي ظل قيود مفروضة على الوصول إلى المدينة من السلطات الإسرائيلية، ما من شأنه أن يؤثر على نسبة المصلين.

وأتت الحرب في توقيت سيّئ جداً بالنسبة إلى سكان المدينة، الذين يعتمدون على المردود السياحي في عيد الميلاد.

وقال جاك جياكامان من متجر "كريسماس هاوس" للهدايا التذكارية، إن 80% من مبيعاتهم كانت تتم نهاية العام.

وأضاف: "فجأة، في أكتوبر/ تشرين الأول، اختفى السياح من الشوارع. والآن أصبحت بيت لحم مغلقة من كل الاتجاهات"، في إشارة إلى نقاط التفتيش الإسرائيلية التي تقيد الحركة إلى الضفة الغربية.

واضطر جياكامان لاقتراض أموال لمواجهة الأزمة التي تسببت بها جائحة كوفيد-19، لكن كانت لديه خطة مدتها ثلاث سنوات للعودة إلى المسار الصحيح. وقال: "الآن، لا نعرف كيف سنغطي خسائر هذا العام".

بيت لحم "حزينة" في عيد الميلاد

منذ اندلاع الحرب على غزة، شهدت الضفة الغربية تصاعداً في أعمال العنف، حيث استشهد أكثر من 290 فلسطينياً على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي أو مستوطنين، وفق السلطات الصحية المحلية.

وأوضح جياكامان أن بعض الحجاج لا يعلمون حتى أن بيت لحم تقع في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.

وأضاف: "يأتون أحياناً إلى المتجر ويقولون إنهم سعداء لوجودهم في بيت لحم، في إسرائيل".

وكانت كنيسة المهد شبه خالية أثناء زيارة وكالة فرانس برس، مع وجود مجموعة من العمال ومجموعة صغيرة من الحجاج.

وخارج الكنيسة، قال الكاهن الأرثوذكسي عيسى ثلجية إنّ بيت لحم "حزينة" بسبب ما يحصل في غزة، معرباً عن أسفه لعدم رؤية الحجاج واقع حياة الفلسطينيين هذا العام.

وأشار إلى أن زيارة الأماكن المقدسة أمر مهم "لكن الأهم هو معرفة كيف يعيش الفلسطينيون وما هو واقع حياتهم اليومية، مع جدران حولهم وكأنهم يعيشون في سجن".

آمال لن تتحقق خلال عيد الميلاد هذا العام

لكنّ الفرنسي الفلسطيني فادي قطان، وهو صاحب مطعم وفندق، أعرب عن شكوكه في أن الحجاج يتعلمون أموراً كثيرة عن القضية الفلسطينية.

وأوضح قطان، وهو جالس في شرفة منزله في بيت لحم الذي تعيش فيه عائلته منذ أجيال، أنّ الشركات الإسرائيلية التي تنظم رحلات سياحية تغذي فكرة مفادها أنّ "جميع الفلسطينيين خطرون"، ما يمنع السياح من التعامل مع السكان المحليين.

وتابع: "بالنسبة إلى الحجاج، يبدو الأمر كما لو أنّ هناك خطاً غير مرئي يمنعهم من الخروج عن المسارات المحددة".

وكان قطان الذي يقدم أطباقاً من المطبخ الفلسطيني في مطعميه "فوضى" في بيت لحم و"عاكوب" في نوتينغ هيل في لندن، يأمل في استئناف أعماله المحلية خلال عيد الميلاد هذا العام بعد إغلاقها خلال الجائحة، "لكن كل ذلك انتهى الآن".

وأضاف أن الخطاب المخيف الذي يستخدمه القادة الإسرائيليون في زمن الحرب أدى إلى تفاقم المشكلة.

وختم: "لو كنت حاجاً أميركياً، لانتظرت أشهراً لأرى ما سيحدث. ومن الفظيع أن أقول ذلك لأنها كارثة بالنسبة إلى بيت لحم".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون