طوابير الخبز ترهق التونسيين في شهر الصيام

طوابير الخبز ترهق التونسيين في شهر الصيام

05 ابريل 2022
المواطنون يعانون من غلاء الخبز (العربي الجديد)
+ الخط -

أرهقت طوابير الخبز التونسيين في أيام رمضان الأولى، حيث بدا مشهد الصفوف الطويلة ذاته في كل محافظات البلاد وسط مخاوف من استفحال أزمة نقص الخبز في الأيام القادمة، فيما تقول السلطات إنها ضخت كميات كافية من الدقيق لتوفير المادة الأهم على موائد رمضان.
وتعيش تونس منذ مدة على وقع نقص في معروض الخبز الذي تبرره الحكومة بسعي أطراف لافتعال أزمات تموينية عبر احتكار الدقيق والمواد الأساسية لصنع العجين.

كسر القواعد
وبسبب الخوف من عدم الحصول على الكميات اللازمة من الخبز يهرع التونسيون في وقت مبكر من كل يوم في رمضان إلى المخابز لشراء حاجياتهم، كاسرين القواعد التي تعودوا عليها لعقود طويلة وذلك بشراء الخبز بعد انتهاء الدوام الإداري أو قبل أذان المغرب.

وعادة يقبل التونسيون على شراء الخبز في أيام رمضان في فترة ما بعد الظهر، غير أن القلق من طول فترة الانتظار أمام الأفران غيرت مواعيد الشراء للفترة الصباحية وبعد الظهر، ما تسبب في استنزاف الكميات التي تصنعها المخابر في وقت مبكر، بحسب رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز محمد بوعنان.
وقال بوعنان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الأيام الأولى من شهر رمضان شهدت إقبالاً كبيراً للمواطنين على المخابز منذ الساعة الثامنة صباحاً لاقتناء الخبز، وهو ما أثّر على عملية التزود في باقي أوقات اليوم.

أزمة الدقيق
وأكد رئيس الغرفة أنّ الأفران صنعت الكميات اللازمة من الخبز بما يكفي لسداد حاجيات السوق، مشيراً إلى أن أزمة الدقيق في طريقها إلى الحل بعد ضخ كميات كبيرة في الأسواق بما يمكن من توفير معروض كبير من أنواع الخبز.
في المقابل، تنتقد المواطنة مديحة العمري إضافة متاعب جديدة لحياة التونسيين بإجبارهم على انتظار الخبر في طوابير طويلة في أيام رمضان، معتبرة أنّ التونسيين لم يألفوا هذا المشهد في السنوات الماضية، ما يفسر إقبالهم المكثف على شراء الخبز منذ الساعات الأولى من يوم الصيام.

وقالت العمري لـ"العربي الجديد"، إنّ إنكار السلطات وجود أزمة تموين يقابله واقع لا يقبل الدحض وهو أنّ المواطنين مضطرون للانتظار للحصول على أرغفة خبز، مؤكدة أن الخوف من ندرة المواد وعدم ثقة التونسيين في مسؤولي بلدهم زادا من حالة الهلع لديهم.
وأضافت أن الأفران أطلقت العنان للزيادات في أسعار الخبز مستغلة حاجة التونسيين وإقبالهم المكثف على الخبز الذي بات الغذاء الأقل سعراً، وفق قولها.
وتصنع الأفران التونسية يومياً 6.7 ملايين رغيف، منها 3.9 ملايين خبزة كبيرة الحجم (مدعمة) و2.7 مليون خبزة "باقات" (الخبز الأقل حجماً).

زيادة الاستهلاك
ويسجل استهلاك الخبز خلال شهر رمضان، بحسب المعهد الوطني للاستهلاك الحكومي، زيادة بنسبة 25 بالمائة بالمقارنة مع الأشهر العادية. ويزيد استهلاك الخبز الصغير (الباقات) بنسبة 13 بالمائة خلال شهر الصيام مقارنة ببقية أشهر السنة.
ويبلغ السعر الحقيقي للخبز الكبير من دون دعم 465 مليما للرغيف الواحد (دعم في حدود 235 مليما)، ويباع للعموم بسعر 230 مليما فيما تباع الباقات (الخبز الصغير) للعموم بـ190 مليماً، بدعم في حدود 84 مليماً، أي أنّ سعرها الحقيقي يعادل 274 مليماً.
وتستورد تونس 80 بالمائة من حاجياتها من القمح اللين، وهو ما يجعل كل 4 أرغفة خبز مستوردة مقابل رغيف واحد مصنوع من الدقيق المحلي، بينما واردات البلاد من القمح وحدها أكثر من 51 بالمائة من الواردات الغذائية.
ويخضع الخبز في تونس للتسعير الحكومي بالنسبة للمخابز التي تتمتع بالدقيق المدعم، فيما تبيع الأفران التي تعتمد على الشراء المباشر للدقيق من المطاحن على الأسعار المحررة، غير أنها أطلقت العنان للزيادات في أثمان الأصناف الأساسية، ما تسبب في فوضى أسعار تزيد من صعوبات العيش لعموم المواطنين.
في يناير/ كانون الثاني الماضي، نفت وزارة التجارة أي زيادة في أسعار الخبز المدعم من الحجمين "الكبير" والصغير "باقات"، وقالت إنّ 3311 فرناً مصنفاً تزوّد مختلف المناطق بالخبز المدعم من الصنفين بكميات تناهز 8 ملايين رغيف خبز يومياً.

يسجل استهلاك الخبز خلال شهر رمضان، بحسب المعهد الوطني للاستهلاك الحكومي، زيادة بنسبة 25 بالمائة بالمقارنة مع الأشهر العادية

ولفتت الوزارة، في بلاغ لها حينها، إلى أنّ هذه المخابز تغطي بأريحية حاجيات الاستهلاك، وتطبق الأسعار المحددة للبيع للعموم. وفسرت الوزارة أنّ بعض المخابز غير المصنفة المخول لها فقط صنع الخبز الخاص والرفيع، الذي لا يتجاوز وزنه 150 غراماً، تعمدت مخالفة ترتيبات صنع الخبز وترويج نوعية من الخبز المماثل لشكل الخبز المدعم من الحجم الصغير دون إعلام المستهلك بذلك، ما أحدث خلطاً لدى العموم.
وتونس، التي تعاني من عجز مالي حاد وضعف في النمو، تعوّل على القروض لتأمين الغذاء، إذ بلغت وارداتها من القمح الروسي والأوكراني، بحسب تقرير اتحاد المصارف العربية، 1095 ألف طن، من بينها 984 ألف طن جرى توريدها من أوكرانيا، بما قيمة 196 مليون دولار، بينما تقدر قيمة الواردات الروسية بـ24 مليون دولار.
وخلال الموسم الماضي، بلغت الحصيلة النهائية لموسم الحبوب 16.8 مليون قنطار، بينما تقدر الحاجيات السنوية من الحبوب نحو 30 مليون قنطار. وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إن ذلك يعود للتوقعات بتراجع محصول الحبوب بواقع الثلث هذا العام.

المساهمون