سورية: عزوف سكان القامشلي عن شراء الملابس الشتوية

سورية: عزوف سكان القامشلي عن شراء الملابس الشتوية

20 نوفمبر 2021
ارتفاع كبير في أسعار الملابس الجاهزة (فرانس برس)
+ الخط -

في بداية كل شتاء تقبل العائلات على شراء الملابس الشتوية الجاهزة، لكن غلاء أسعارها هذا العام أجبر الكثير من العائلات في مدينة القامشلي الواقعة في ريف محافظة الحسكة، أقصى شمال شرقي سورية، على اللجوء إلى شراء الأقمشة وتفصيلها عند الخياطين بهدف تخفيف الأكلاف التي يدفعونها لقاء الحصول على الملابس الجاهزة.
هذا الغلاء أدى إلى تراجع حركة مبيعات الملابس الجاهزة وخاصة ملابس الأطفال، وهذا التراجع يندرج على أسواق الماركات وأسواق الصناعات المحلية، التي بدورها كانت ضحية لارتفاع أسعار المحروقات والتقنين الطويل للكهرباء وإغلاق الكثير من المصانع وهجرة الصناعيين.
تقول روزة محمد، وهي أم لأربعة أطفال، لـ"العربي الجديد": هذا العام لم أشتر لأطفالي ملابس جاهزة وذلك لأن أسعارها باتت غالية، وعندما نذهب إلى أي محل في مدينة القامشلي يحسب التاجر البضاعة بالدولار، ثم يبيعها للزبائن بالليرة السورية، وفي الوقت نفسه نستطيع طلب المواصفات التي نريدها من الخياطين، بينما الجاهزة لا يمكن تعديل مقاساتها.
وتضيف أن كلفة كسوة الطفل الواحد من الملابس التي يتمّ تفصيلها عند الخياطين لا تتجاوز 80 ألف ليرة (الدولار = 3500 ليرة)، بينما من الملابس الجاهزة يتجاوز ثمن القطعة الواحدة منها هذا المبلغ بكثير، ولا يتناسب مع قدرات العائلات، التي تعتمد في كثير من الأحيان على الزراعة أو حوالات أبنائها من الخارج.

يقول خالد أمين، وهو بائع أقمشة في مدينة القامشلي، لـ"العربي الجديد": تشهد أسواق المدينة إقبالاً على شراء الملابس مرتين في العام، الأولى في بداية فصل الشتاء وهي الأهم، والثانية في مطلع فصل الصيف، لكن الإقبال هذا العام كان ضعيفاً بسبب غلاء الأسعار العائد إلى ارتفاع أسعار الوقود التي تعتمد عليها صناعة الأقمشة بشكل كبير، وبسبب تراجع إيرادات السكان في المنطقة التي تعتمد على الزراعة في هذا الوقت بالتحديد.
وحسب أمين، فإن الذي حافظ على استمرارية حركة السوق هي المنتجات الصينية رخيصة الثمن، التي لا تقارن بأسعار البضائع الأوروبية التي بات وجودها نادراً في أسواق المدينة، لكن الكثير من الخياطين باتوا يقلّدون الموديلات الأوروبية بأقمشة صينية، وهذا أصبح دارجاً في مدينة القامشلي وأريافها.
ويشير إلى أن هناك نوعاً آخر من الزبائن وهم الذين يرغبون بتقليد موديلات غير موجودة في السوق، ربّما رأوها في الإنترنت أو لدى أصدقاء لهم، فهنا يتمكّنون من الحصول على شيء شبيه بالمنتج الذي يرغبون به بثمن أقل وربّما بألوان مختلفة، وإضافات قد يعرضها عليهم الخياطون.
سليمان علي، وهو تاجر ملابس جاهزة في مدينة القامشلي، يقول لـ"العربي الجديد": لقد تراجعت مبيعاتي من الملابس الشتوية مقارنة بالوقت نفسه من العام الفائت ما بين 35 و40 بالمئة، وذلك بسبب عزوف السكان عن الملابس الجاهزة ولجوئهم إلى الأقمشة التي يفصّلونها كما يرغبون عند الخياطين.

ويؤكد علي أن هذا الأمر لوحظ كثيراً في المناطق الريفية التي لا يرى سكانها مشكلة باقتناء ملابس تقليدية أو أخرى ترمز إلى القوميات الكردية والعربية والسريانية التي تنتشر في المنطقة، لكنّهم لم يستطيعوا التخلّي بشكل كامل عن الملابس الجاهزة الخاصة بالأطفال، وخاصة ملابس المدارس.
وأثّرت الزيادات الأخيرة في الأسعار وخاصة أسعار المحروقات التي فرضها النظام السوري على جميع المواد محلية الصنع والمستوردة، كما كان لتراجع القدرة الشرائية للسكان دورا ملحوظا في ذلك، وذلك بالتوازي مع انخفاض قيمة العملة السورية أمام العملات الأجنبية، وارتفاع التضخّم إلى أرقام قياسية.
وكان رئيس قطاع النسيج في غرفة صناعة دمشق التابعة للنظام مهند دعدوش قد قال في تصريحات سابقة، إن قطاع النسيج يعد الأكثر تضرراً من أي ارتفاع لسعر الصرف أو أي زيادة على أسعار المحروقات، لأن 70 في المئة من تكاليف إنتاج المصابغ النسيجية يعتمد على المازوت والفيول.

المساهمون