حكومة مصر تسكب "الدولار الجمركي" على نيران الغلاء

حكومة مصر تسكب "الدولار الجمركي" على نيران الغلاء

09 سبتمبر 2022
المواطنون محاصرون بأزمات معيشية خانقة (Getty)
+ الخط -

في مصر كل الأسعار ترتفع ولا سقف للتوقعات، هذا ما بيّنه جهاز الإحصاء والتعبئة (حكومي)، الذي أعلن أمس عن زيادة جديدة في معدل التضخم الشهري بلغت 15.3%، على أساس سنوي، لشهر أغسطس/آب الماضي، مقارنة بشهر يوليو/تموز 2022.

وحسب الجهاز الحكومي، تركز الغلاء على مكونات سلة السلع الحيوية التي يحتاجها المواطنون يوميا، حيث ارتفعت أسعار الخضروات عن العام الماضي بنسبة 24.3%، والخبز والحبوب 50.2%، والأسماك والمأكولات البحرية 33.8%، والزيوت والدهون 32.1%. كما سجلت أسعار السكن والكهرباء والمياه والغاز والوقود ارتفاعا بلغ 6.1%.

استمرار تدهور الجنيه

يتوقع خبراء اقتصاد تزايد معدلات التضخم خلال الأشهر المقبلة، مع استمرار تدهور قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، التي تخطت 22% حاليا عن قيمته في مارس/آذار الماضي، ويتوقع أن يستمر على تلك الوتيرة خلال العامين المقبلين.

وأكد مصدر في اتحاد الغرف التجارية، لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة سكبت على نيران الغلاء المزيد من الزيت، برفعها سعر الدولار الجمركي مقابل الجنيه، حيث زاد من 18.65 جنيها إلى 19.31 جنيها، اعتبارا من أمس.

أوضح المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن الزيادة الجمركية سترفع جميع أسعار السلع المكدسة في الموانئ والتي لم تخرج من المنافذ منذ عدة أشهر، بالإضافة إلى توقع ارتفاع تلك الزيادة عن معدلاتها، في حالة السماح بإدخال سلع جديدة، بسبب زيادة قيمة الدولار مقابل الجنيه، وتوجه الحكومة نحو الخفض التدريجي لقيمة الجنيه في المصارف، من دون تحديد سقف لتلك القيم أو مواعيد تنفيذها، بما يترك المستوردين في حالة من عدم اليقين عن تكاليف الاستيراد.

فوضى الأسعار

تؤكد نائبة رئيس الاتحاد العربي لحماية المستهلك التابع لجامعة الدول العربية، سعاد الديب، على وجود فوضى سعرية، بسبب عدم ممارسة الجهات الرسمية دورها، في حماية حقوق المواطنين للحصول على سلعهم الحيوية بأسعار مقبولة، وضمان تحديد تلك السلع التي تحتاجها الأغلبية، سواء كانوا فقراء أو من الميسورين.

وتلقي الديب بالمسؤولية على الحكومة التي أحدثت فوضى في أسعار بعض السلع الحيوية، مستشهدة بما فعله وزير التموين المصري منذ أيام، عندما حدد بيع الأرز للإنتاج الذي سيتم حصاده نهاية الشهر الحالي، بنحو 12 جنيها للكيلو، بينما كانت الأسعار تتجه إلى الانخفاض الطبيعي، والإنتاج يكفي المواطنين دون تدخّل من الجهات الرسمية، فإذا بالأسعار تقفز خلال الأيام الماضية، لأن تدخل الوزارة لم يكن مدروسا، ولا مبنيا على مصلحة المستهلك.

وذكرت الديب، في مذكرة ستعرض على رئيس مجلس الوزراء خلال الأيام المقبلة، في اجتماع جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار، مقترحا بوضع قائمة من السلع، تتضمن البيض والألبان والأرز وغيرها التي تمس حياة الإنسان اليومية، لا يمكن تحريك أسعارها إلا بقرار حكومي، وأن تتحمل الدولة فروق تكلفة تلك السلع، حتى يضمن كل مواطن توافرها، وعدم تغير قيمتها يوميا كما يحدث حاليا.

ونوهت إلى أن الدول الغربية الرأسمالية تتولي دعم أسعار الطاقة حاليا والمواصلات والعلاج للمواطنين، بغض النظر عن مستوى دخولهم، والأولى بدولة مثل مصر أن تحافظ على توفير الاحتياجات الأساسية لحياة الأفراد. وحذرت من انتشار حالة عدم الرضا، لأن الكبت يولد الانفجار.

تآكل دخول العمال

وتشير دار الخدمات النقابية (مستقلة)، إلى خطورة ارتفاع الأسعار على قيمة الدخل الحقيقية للعمال العاملين في الدولة، حيث امتصت معدلات التضخم كل العلاوات التي حصلوا عليها خلال الأعوام الماضية.

ولفتت دار الخدمات، وهي من المؤسسات القليلة التي ما زالت تعمل على رصد التحولات في مستوى الدخول والتوظيف بين الأوساط العمالية في مصر، إلى فشل الحكومة في دفع أصحاب الأعمال، إلى تطبيق العلاوات الدورية في المرتبات، خلال السنوات الماضية، بما يعني تراجع مرتباتهم في الوقت الذي ترتفع الأسعار بمعدلات خطيرة.

تشير دار الخدمات النقابية (مستقلة)، إلى خطورة ارتفاع الأسعار على قيمة الدخل الحقيقية للعمال العاملين في الدولة، حيث امتصت معدلات التضخم كل العلاوات

ترفض مؤسسات الأعمال غير الحكومية وبعض الشركات العامة، والتابعة للقطاع الخاص، تطبيق الحد الأدنى للأجور، الذي فرضته الحكومة العام الماضي.

ويؤكد خبراء أن سيطرة الحكومة على تشكيل النقابات العامة، وفرض قبضة أمنية مشددة على النقابات المستقلة، يحول دون مطالبة المواطنين بحقهم في رفع المرتبات والأجور، وفقا لمؤشر التضخم المعلن رسميا، أسوة بما يتم في الدول التي تحترم مواطنيها، رغم وجود شكوك في صحة تلك الأرقام، مع معاناة الناس واقعيا من غلاء، بما يفوق نسب التضخم التي تحددها الجهات الرسمية.