حرب الشائعات في العراق: جيوش إلكترونية تتلاعب بأسواق العملات

حرب الشائعات في العراق: جيوش إلكترونية تتلاعب بأسواق العملات

31 ديسمبر 2022
ارتفاع سعر صرف الدولار ساهم في زيادة معدلات التضخم (محمد أحمد/الأناضول)
+ الخط -

أسهم تراجع قيمة العملة العراقية لمستويات قياسية بلغت نحو 1580 دينارا للدولار الواحد بالسوق السوداء في حين يبلغ سعره الرسمي 1460 دينارا، في رفع زيادة نسبة التضخم والغلاء وتراجع القدرة الشرائية لدى العراقيين. ورغم معالجات سريعة ومتواصلة للحكومة والبنك المركزي من أجل السيطرة على الأسواق، إلا أن مسؤولين ومراقبين يؤكدون أن الشائعات التي أطلقتها الجيوش الإلكترونية المرتبطة ببنوك أهلية وشركات مختلفة، بعد انخفاض مبيعات البنك المركزي من الدولار، مفادها بأن الدولار سيرتفع أكثر خلال الفترات المقبلة، تسبب بحالة من الإرباك في السوق واتجه الكثير من المواطنين إلى تحويل ما لديهم من أموال من الدينار العراقي إلى الدولار. 

تأثير الشائعات

يرى الخبير الاقتصادي، باسم جميل أنطوان، أن الشائعات أثرت بشكل مباشر على السوق، وخلقت حالة من الإرباك وعدم التوازن بسبب قلة منافذ بيع الدولار بالسعر الرسمي، واستغلال الوسطاء والمضاربين لهذه الحالة.

وشدد أنطوان من خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، على أن يأخذ الإعلام دوره للحد من هذه الأزمة وتمهيد الأجواء لتوعية المواطنين بهدف الحد من الشائعات الكبيرة التي يخضع لها السوق المحلي العراقي.

وقلل أنطوان من مخاوف عدم وجود الدولار لدى البنك المركزي، الذي يمتلك احتياطيا نقديا من العملة الصعبة يتجاوز 90 مليار دولار، إلا أن توجه المواطنين إلى تحويل أموالهم من الدينار إلى الدولار بفعل الشائعات، مع قلة منافذ التوزيع أدى إلى زيادة الطلب وانخفاض العرض، مما ساهم بارتفاع أسعار العملة الأميركية.

الجيوش الإلكترونية
 

ساهمت الجيوش الإلكترونية مدعومة من جهات تسيطر على السوق في نشر الشائعات التي أثرت بشكل كبير على سعر صرف الدولار وتراجع الدينار العراقي.

وقال الباحث الاقتصادي، عمر الحلبوسي، إن ما تنشره هذه الجيوش أكد أن نشاطها كان ممنهجا ومخططا له بشكل تصاعدي، ما جعل الدولار يرتفع بشكل متسارع مع كل إشاعة تبث من قبل هذه الجيوش.

وأضاف الحلبوسي، لـ"العربي الجديد"، أن هناك أطرافا متنفذة تسيطر على سوق العملة ولها سطوة في منافذ البيع داخل البنك المركزي، تعمل في مجال غسل الأموال، فضلا عن استخدامها لفواتير مزورة لشراء الدولار، غايتها تحقيق أكبر قدر من المكاسب والأرباح كونها تشتري الدولار بسعر مخفض وتبيعه بالسوق السوداء بأرباح كبيرة.

وبيّن الحلبوسي أن الحكومة والبنك المركزي عليهما بذل أقصى الجهود لمكافحة مثل هذه الإشاعات والتصدي لها، خاصة وأن هناك عددا من المصارف وشركات الصرافة وتجار العملة التابعين لجهات حزبية هي من تتحكم بالسياسة النقدية لدى البنك المركزي. وشدد على أهمية اتخاذ تدابير أخرى من شأنها تخفيض سعر الصرف من خلال فرض سقف سعري محدد، وإيقاف عمليات تهريب الدولار عبر البر باتجاه دول الجوار.

أزمة مفتعلة

من جانبه، يرى الباحث في الشأن العراقي، عبد القادر الفهداوي، أن ارتفاع قيمة الدولار وتراجع العملة العراقية أزمة داخلية مفتعلة ولا توجد هناك تأثيرات خارجية.

ساهمت الجيوش الإلكترونية مدعومة من جهات تسيطر على السوق في نشر الشائعات التي أثرت بشكل كبير على سعر صرف الدولار

 

وأوضح الفهداوي، لـ"العربي الجديد" أن الأزمة الراهنة ناتجة من إجراءات وسياسات مفتعلة من قبل بنوك أهلية تابعة لجهات سياسية اعتمدت على غسل الأموال وتهريب العملة إلى خارج العراق، فضلاً عن احتكار الدولار ليرتفع سعره من أجل تحقيق أرباح كبيرة على حساب معاناة الشعب العراقي. وبيّن الفهداوي، أن الجيوش الإلكترونية التابعة لتلك الجهات لعبت دورا مهما في ارتفاع الدولار وفاقمت الأزمة من خلال بث الشائعات المتنوعة التي تهدف إلى بيع الدولار للمواطنين ورجال الأعمال حتى تنفد كمية الشراء من جهة، ولصرف الأنظار عن عمليات تهريب العملة من جهة أخرى.

وأكد أن الأطراف الأساسية المشرفة على بث الإشاعات تابعة لأحزاب تسيطر على الحكومة والسياسة الاقتصادية، غايتها الأساسية حرف الحقائق واستمرار إشغال المواطنين بارتفاع السلع المعتمدة على الدولار واستمرار تحكمهم في المصارف الأهلية وتأخير إصدار الفيدرالي الأميركي قراراته ضد ستة مصارف أخرى متهمة بالفساد وغسل الأموال وتهريب العملة إلى إيران المحاصرة من قبل وزارة الخزانة الأميركية.

وشدد الفهداوي على أن المواجهة الحقيقية لتلك الجيوش الإلكترونية تكمن في توضيح الحقائق للشعب عبر الإعلام، وإشراك جميع الفعاليات الشعبية للضغط على البنك المركزي باعتماد آلية ومعالجة حقيقية، وإيقاف التعامل مع البنوك التابعة للأحزاب، والحد من عمليات غسل الأموال وتهريب العملة إلى الخارج.

 

المساهمون