جون زيغلر يعاود توبيخ تجار الجوع رغم متاعب "سويسرا تغسل أكثر بياضاً"

جون زيغلر يعاود توبيخ تجار الجوع رغم متاعب "سويسرا تغسل أكثر بياضاً"

15 اغسطس 2022
السويسري جون زيغلر، الخبير في قضايا الأمن الغذائي (Getty)
+ الخط -

لا يكفّ السويسري جون زيغلر، الخبير في قضايا الأمن الغذائي والمسؤول السابق في الأمم المتحدة، عن توجيه انتقادات حادة للرأسمالية المتوحشة، إذ يرى أن من يموتون جوعاً اليوم يموتون بالقتل المتعمّد بسبب بعض السياسات المتّبعة من قبل بعض الجهات وبعض الدول، بينما أمضى عمره في توبيخ أباطرة المال، ما عرّضه لدعاوى قضائية كلفته كثيراً من المال والعناء.

كان لقاؤه بالثوري الكوبي الماركسي تشي غيفارا في عام 1964 حاسماً في مسار حياته، فقد أسدى له نصائح يقول إنه لا يزال يهتدي بها إلى اليوم.

ويحكي أنه عندما حضر غيفارا إلى جنيف، بمناسبة مشاركة كوبا في مؤتمر السكر العالمي الأول للأمم المتحدة، كان سائقاً له، فطلب منه أن يغادر معه، غير أن غيفارا أجابه "إن مكانك هنا، حيث يكمن دماغ الوحش، ومن هنا يجب أن تقاتل.. وهكذا أصبحتُ أستاذاً جامعياً وعضواً في البرلمان السويسري، وحتى مُقرراً خاصاً لدى الأمم المتحدة".

ما زال زيغلر، البالغ من العمر 88 عاماً، يعتبر نفسه ثوريا، فهو من أشد منتقدي الرأسمالية والممارسات التجارية السويسرية.

ويقول إنه عانى كثيراً عندما ألّف كتاب "سويسرا تغسل أكثر بياضاً"، وإنه تلقّى تهديداً بسبب ذلك، وكان يحتاج لحماية الشرطة على مدى عامين، فقد رُفعت ضده دعاوى قضائية من قبل مصارف ومحامين ورؤساء دول.

في حوار له، في التاسع من أغسطس/آب الجاري، مع موقع "سويس أنفو"، يقول إنه لم يكفّ عن ممارسة قناعاته السياسية، معتبرا أن الشركات تتمتع بنفوذ "لم يمتلكه أي ملك أو حتى بابا فوق هذا الكوكب، ما يؤدي إلى نظام عالمي غير إنساني.. نحن نحارب الجوع، والقوة المُطلَقة للشركات مُتعددة الجنسيات، والاحتباس الحراري".

مارس زيغلر، الذي شغل منصب مقرر خاص أممي معنيّ بحق الغذاء بين 2000 و2008، قناعاته في البرلمان السويسري، الذي كان عضوا فيه بين 1967 و1999.

ويؤكد: "لقد خَسرتُ جميع القضايا المرفوعة ضدي، مع ذلك كنت أرى في ذلك فرصة للنضال في المحكمة، حيث تَعَيَّن على المصرفيين الإجابة عن الأسئلة المُثارة".

وعندما كان جون زيغلر يشغل مهمة مقرر خاص أممي معنيّ بحق الغذاء، دعا إلى الانكباب على دراسة "الظواهر التي تؤثر على إنتاج الغذاء وتزيد من معاناة الضعفاء، مثل تحكّم الشركات متعددة الجنسيات في أنظمة الغذاء والتصحر والنزاعات المسلحة واستخدام المحاصيل في إنتاج الوقود".

كرّس جزءا من نضاله للتنديد بالمتسببين في الجوع الذي يودي بحياة أكثر من 17 ألف طفل في اليوم. إنهم يموتون، كما يقول، بسبب أمراض الجوع. ويشير إلى أن من بين 71 مليون شخص الذين يغادرون كوكبنا كل عام، 27% منهم يقضون بسبب الجوع أو مضاعفات لها علاقة به.

يتصور زيغلر أنه يمكن القضاء على الجوع باتخاذ تدابير هيكلية، تتمثل أولا في منع المضاربة في البورصة على السلع الأساسية، مثل الأرز والقمح والذرة، وهي سلع تمثل 75% من الاستهلاك العالمي.

ويرى أن صناديق المضاربة والمصارف الكبرى تحقق أرباحاً كبيرة عبر رفع أسعار هذه السلع، بينما الأمهات في دول مثل بنغلادش والبرازيل وبيرو، لا يجدن المال من أجل شراء الغذاء لأطفالهن.

ويعتبر زيغلر أنه من أجل الحد من الجوع، يجب على الأقل إلغاء الديون الخارجية عن حوالي 50 بلداً فقيراً. فهذا الدين يطحن الدول، إذ تُسخر ما تجنيه من تصدير القطن أو الحبوب من أجل خدمة فوائد الديون.

ولا يكفّ كذلك عن انتقاد المؤسسات الدولية والمصارف وصناديق المضاربة. فهو يلاحظ أن 2.7 مليار مزارع في أفريقيا لا يستفيدون من الميكنة، في الوقت الذي يدعو البنك الدولي إلى ترك الأراضي الفلاحية لصناديق المضاربة التي تتوفر على التكنولوجيا والرساميل والقدرة على ولوج الأسواق، معتبرا أن البنك ينشر الأكاذيب حول عدم قدرة الأفارقة على إنتاج ما يكفيهم من الطعام.

في كتابه "إمبراطورية العام"، يدعو إلى مناهضة الرأسمالية التي تتسبب في شقاء العالم والجوع وسوء التغذية وانتشار الأمراض، فهي كوارث تحدث عن عمد، ما يدفعه إلى اعتبارها حرباً اقتصادية، بل إنها حرب قد تتخذ شكلاً عسكرياً حقيقياً يقودها السادة الجدد.

المساهمون