تفاقم مشكلة الدين الأميركي ومخاوف من نفاد الأموال وخفض التصنيف

بايدن أمام أزمة مالية تاريخية... الدين الأميركي يتفاقم ومخاوف من خفض التصنيف

21 سبتمبر 2021
الكونغرس يشهد أولى معارك المال ضد إدارة بايدن (Getty)
+ الخط -

تأخذ الأسواق الأميركية على محمل الجد تحذيرات وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، مساء الأحد، والتي أكدت فيها أن التخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة من شأنه أن "يعجل على الأرجح بأزمة مالية تاريخية"، ستؤدي إلى تفاقم الضرر الناجم عن حالة الطوارئ الصحية العامة المستمرة.

وتسود الأسواق والمؤسسات حالة من القلق مع تأكيد جانيت أن "أموال الحكومة ستنفد في أكتوبر المقبل"، و"أن التخلف عن السداد يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وهبوط حاد في أسعار الأسهم وغير ذلك من الاضطرابات المالية. وسينقلب انتعاشنا الاقتصادي الحالي إلى ركود مع فقدان نمو بمليارات الدولارات وملايين الوظائف"، مضيفة أن الولايات المتحدة قد تخرج من هذه الأزمة "أمة ضعيفة بشكل دائم".
ووفق مراقبين، فإنه من المتوقع أن يشعل الدين الأميركي خلال الأسبوع الجاري معركة ساخنة بين الحزبين الديمقراطي الحاكم والجمهوري المعارض، إذ يطالب الديمقراطي برفع سقف الدين من مستواه الحالي البالغ 28.4 تريليون دولار حتى تتمكن الحكومة من خدمة فوائد السندات الحكومية ومخصصات الضمان الاجتماعي ونفقات الجنود.
وفي حال عدم موافقة الحزب الجمهوري، فإن الحكومة الأميركية ستتخلف عن الإيفاء بالتزاماتها المالية، ومن بينها التخلف عن دفع مستحقات الدين العام لحملة السندات الحكومية، وهو ما سيهدد أسواق المال العالمية والنمو الاقتصادي الأميركي، بحسب هؤلاء.
يذكر أن الولايات المتحدة تعتمد في تمويل العجز المتراكم في الميزانيات المتعاقبة على إصدار سندات حكومية قصيرة الأجل حتى 5 سنوات ومتوسطة الأجل حتى 10 سنوات، وهي السندات الأكثر شهرة وطلباً من قبل المستثمرين في الدين الأميركي.
كما تصدر وزارة الخزانة كذلك سندات طويلة الأجل لمدة 30 عاماً، وتنوي إصدار سندات لمدد أطول، من بينها سندات أجل 50 عاماً في المستقبل. وحسب بيانات الميزانية الأميركية للعام الجاري، فإن الولايات المتحدة تدفع نحو 378 مليار دولار في العام كدفعيات على فوائد السندات الحكومية.
ويحظر سقف الدين الحالي استدانة إضافية ما لم يتم رفع السقف من الحد الأقصى الحالي، البالغ 28.4 تريليون دولار بنهاية ميزانية العام المالي الجاري التي تنتهي في 30 سبتمبر/ أيلول الجاري. وهذا ما دعا وزيرة الخزانة جانيت يلين إلى مناشدة الكونغرس، مساء الأحد، رفع سقف الدين لتجنّب "أزمة مالية تاريخية".
وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، أشارت يلين إلى أن الولايات المتحدة لطالما رفعت سقف الدين قبل تجاوز حده الأقصى. وقالت "لم تتخلّف الولايات المتحدة عن السداد قط. ولا مرة واحدة".

وتابعت "من شأن التخلف عن السداد أن يؤدي على الأرجح إلى أزمة مالية تاريخية". وأوضحت أنه "بإمكان التخلف عن السداد أن يؤدي إلى رفع معدّلات الفائدة وتراجع أسعار الأسهم بشكل حاد وغير ذلك من الاضطرابات المالية".
تحذير يلين سبقه تحذير رابطة "بيزنس راوندتيبل"، التي تضم أكثر من 200 من كبار المسؤولين التنفيذيين بالشركات الأميركية الرائدة، قادة الكونغرس من احتمال حدوث أزمة اقتصادية في حال الفشل في رفع سقف الدين بسرعة.
وقالت الرابطة، الأربعاء، في خطاب إلى قادة الكونغرس، إن "الفشل في رفع سقف الدين الفيدرالي للولايات المتحدة للوفاء بالتزاماتها ستنتج عنه أزمة كان من الممكن تجنبها، ومن شأنه أن يشكل مخاطر غير مقبولة على النمو الاقتصادي للبلاد وخلق فرص العمل والأسواق المالية".
من الناحية الدستورية، فإن رفع سقف الدين العام في أميركا لا يعني منح الحكومة الحق القانوني في الصرف على بنود إنفاق جديدة، ولكنه يسمح لوزارة الخزانة بإصدار سندات دين جديدة تستخدم حصيلتها في تغطية مخصصات الإنفاق التي حظيت بإجازة من الكونغرس.
وتعد معركة رفع سقف الدين العام من المعاركة الكلاسيكية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، حيث يتهم الجمهوري دائماً الديمقراطي بالإسراف في الإنفاق الحكومي. وسبق أن رفع الكونغرس سقف الدين 80 مرة منذ ستينيات القرن الماضي. وحذّرت وزارة الخزانة، الأسبوع الماضي، من أن أموال الحكومة ستنفد في بداية أكتوبر/تشرين الأول ما لم تتم زيادة السقف.
وعددت يلين في مقالها الأخير بصحيفة "وول ستريت جورنال" قائمة من الكوارث المالية المحتملة التي قد تلحق بالبلاد في حال لم يرفع سقف الدين، ولم تتمكن الولايات المتحدة من سداد ديونها مع حلول المهل المحددة.
وقالت "في غضون أيام، سيفتقر ملايين الأميركيين إلى النقود". وتابعت "قد تنقطع شيكات الضمان الاجتماعي عن نحو 50 مليون مسن. وقد تتوقف رواتب الجنود". وأردفت "سنخرج من هذه الأزمة كأمة أضعف مؤقتاً".
واستذكرت يلين أزمة ديون عام 2011، مشيرة إلى أن سياسة وضع الولايات المتحدة على حافة الحد الأقصى للدين "دفعت بأميركا إلى شفير أزمة". وكانت الولايات المتحدة، خلال الأزمة المرتبطة بمناقشة الدين في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، أقرب من أي وقت مضى إلى التخلّف عن السداد.
لكن محللون بمصرف "غولدمان ساكس" يعتقدون أن وزارة الخزانة ربما ستكون قادرة على تسديد التزامات الحكومة المالية حتى نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول، وربما حتى بداية نوفمبر/ تشرين الثاني. ووفق المصرف الأميركي، فإنه بعد هذا التاريخ، ربما ستضطر وزارة الخزانة إلى تعليق 40% من دفعياتها.
وتثار المخاوف في أسواق المال من تخلف الولايات المتحدة في تسديد دفعيات فوائد الدين، لأنه يعني خفض التصنيف الائتماني الممتاز جداً" تريبل إيه" على سندات الحكومة التي يتم التعامل فيها كأصول آمنة لا تحتاج إلى نفقات تأمين ويتم استبدالها بنفس قيمتها نقداً.
يذكر أن وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني هددت في العام 2011 بخفض تصنيف ديون الولايات المتحدة الممتاز، وهو ما كاد أن يحدث هزة في الأسواق.
وحتى الآن، يعارض الحزب الجمهوري بشدة إجازة رفع سقف الدين العام، ويقول رئيس الأقلية الجمهوري في مجلس الشيوخ ميتش ماك كونيل: "دعني أكون واضحاً، إننا في الحزب الجمهوري متحدون حول معارضة سقف الدين العام".

  

  

وبالتالي، يرى محللون بصحيفة "وول ستريت جورنال" أن الحزب الديمقراطي يمكنه تمرير مشروع رفع سقف الدين في تصويت مجلس النواب الذي يملك فيه أغلبية، ولكنه يحتاج إلى 10 أصوات على الأقل في مجلس الشيوخ. ويطالب الجمهوريون بالربط بين إجازة مشروع رفع سقف الدين وإجازة حزمة الإنعاش البالغة 3.5 تريليونات دولار التي تبقت لها إجراءات بسيطة. وهو ما يرفضه الحزب الديمقراطي.

المساهمون