تدقيق أوروبي في ممارسات الشركات الاستهلاكية بسبب الغلاء

تدقيق أوروبي في ممارسات الشركات الاستهلاكية بسبب الغلاء

19 فبراير 2024
المستهلكون في أوروبا شهدوا أسوأ أزمة تكلفة معيشة منذ جيل كامل (Getty)
+ الخط -

تركز سلطات المنافسة الأوروبية أكثر على الشركات في القطاع الاستهلاكي، حيث يزيد التضخم من ممارسات تضر بالأسواق والمستهلكين، وباتت الكثير من الشركات متهمة بممارسات من شأنها ترسيخ حالة الغلاء.

وفي عام 2022، استهدفت سلطات المنافسة في جميع أنحاء المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وسويسرا 17 عملية مداهمة لشركات في قطاع المستهلكين، لكن هذا العدد ارتفع إلى 26 العام الماضي 2023، وفقاً للبيانات التي جمعتها شركة المحاماة الدولية "وايت آند كيس".

يشير محامو المنافسة إلى أن هذه المداهمات جاءت بسبب المخاوف من أن ارتفاع التضخم يزيد من احتمال تواطؤ الشركات، أو إخفاء أي سلوك غير تنافسي في ما يتعلق بالأسعار، أو ممارسات العمل، أو حقوق المستهلك.

قالت زوي ميرنيك ليفين، رئيسة قسم المنافسة والشريكة في مؤسسة المحاماة "لي داي" البريطانية في تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز: "من السهل إخفاء زيادات الأسعار عندما تكون هناك ضغوط تضخمية".

وأضافت "هناك انطباع بأن الأسواق لا تعمل جيداً، وأن الجهات التنظيمية تنظر باهتمام أكبر إلى القدرة على المساومة بين المستهلكين والشركات".

وداهمت المفوضية الأوروبية شركات العطور والأزياء، بما في ذلك شركة "كيرينغ"، وهي مجموعة فرنسية دولية فاخرة مقرها في باريس، وتملك علامة غوتشي الإيطالية الفاخرة للأزياء والمنتجات الجلدية، كما داهمت شركة "ريد بول" لصناعة مشروبات الطاقة، وغيرها، للاشتباه في انتهاكها لقوانين مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وهذا العام، داهمت اللجنة أيضاً شركات الإطارات بما في ذلك "بيريللي" و"ميشلان" للاشتباه في نشاط "الكارتلات" وفق وصف الصحيفة البريطانية، التي قالت في تقرير لها، أمس الأحد، إن أياً من الشركات هذه لم تستجب لطلبات التعليق.

وفي المملكة المتحدة، اتهمت هيئة المنافسة والأسواق منتجي المواد الغذائية بالمساهمة في تضخم أسعار المواد الغذائية من خلال رفع الأسعار بما يتجاوز تكاليفها بعد إجراء تحقيق في قطاع البقالة.

وشهد المستهلكون في أوروبا أسوأ أزمة تكلفة معيشة منذ جيل كامل في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا نهاية فبراير/ شباط 2022، ورفع عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا، ولكن في حين أدى انخفاض أسعار الطاقة إلى تخفيف التضخم الإجمالي، وانخفاض تكاليف المواد الخام الأخرى، استمرت أسعار السلع في الارتفاع.

على الصعيد العالمي، ارتفعت قيمة مبيعات التجزئة في قطاع المنتجات الاستهلاكية بمتوسط 10% على أساس سنوي في عام 2023، لكن ثلاثة أرباع النمو كانت نتيجة لزيادات الأسعار، وفقاً لتقرير صادر عن شركة الاستشارات "باين". وفي الولايات المتحدة وأوروبا، كان 95% من نمو المبيعات مدفوعاً بارتفاع الأسعار.

وقال جيمس كيليك، الشريك في شركة "وايت آند كيس" إن تحقيقات مكافحة الاحتكار تتزايد، إذ تضطر الحكومات والجهات التنظيمية، تحت ضغط المستهلكين، إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، متوقعاً إجراء المزيد من التحقيقات طالما ظلت الأسعار مرتفعة، لكن كيليك أشار إلى أنه بخلاف ممارسات الشركات، فإن هناك عوامل أخرى سبّبت زيادة التضخم، ولا سيما رفع أسعار الفائدة.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

بيد أن زوي ميرنيك ليفين، رأت أن تراجع عمليات تفتيش الشركات خلال جائحة فيروس كورونا قبل أربعة أعوام، أتاح لبعض الشركات فرصة أكبر للتواطؤ، أو المشاركة في ممارسات استغلالية أخرى.

وفي العام الماضي، وعد المسؤولون الأوروبيون بأن القائمين على مكافحة الاحتكار سوف يركزون على القضايا المرتبطة بتكاليف المعيشة خاصة. وقال المحامون إنه في حين يبدو أنهم قد احترموا ذلك، فإن رفع قضية واتهام شركة بسلوك غير تنافسي هو أمر آخر.

وقالت ميرنيك ليفين: "من الصعب حقًا اكتشاف التواطؤ.. العصابات السرية تظل سرية لسنوات عديدة". كما أشار كيليك إلى أن الشركات في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة التي لديها حصة سوقية مهيمنة (40% وما فوق) يمكن أن تُتهم بـ "التسعير المفرط" بموجب قوانين مكافحة الاحتكار، لكن هناك عوائق كثيرة تحول دون ذلك.

وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية، قد ذكرت في تقرير لها في أغسطس/آب الماضي، أن أرباح الشركات البريطانية ارتفعت، وذلك وفقاً لأحدث الأرقام الرسمية آنذاك، مما جعلها تحيط نفسها بسياج ضد ضغوط التكاليف، مشيرة إلى أن ذلك أجّج الجدل والحديث بأن الاستغلال والتربح لعبا دوراً كبيراً في موضوع التضخم في المملكة المتحدة.

المساهمون