تأرجح توقعات نمو الاقتصاد السعودي... تعرف على الأسباب

تأرجح توقعات نمو الاقتصاد السعودي... تعرف على الأسباب

20 فبراير 2024
انكماش الاقتصاد بسبب اضطراب سوق النفط (فرانس برس)
+ الخط -

مفارقة عبرت عنها توقعات المؤسسات الدولية بشأن نمو الاقتصاد السعودي لعام 2024، وبين حقيقة انكماشه في 2023 بنسبة 0.9%، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في الربع الرابع من العام ذاته بنسبة 3.7% على أساس سنوي، وفقا لتقديرات أولية نشرتها الهيئة العامة للإحصاء السعودية، ما أثار علامات استفهام حول أسباب الانكماش الحالية وتوقعات النمو المستقبلية.

وعزز من تلك المفارقة ما أظهرته بيانات من البنك المركزي السعودي، من تراجع لصافي الأصول الأجنبية لديه بقيمة 1.09 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بنسبة 5.3%.

وإزاء ذلك، نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن مصادر مطلعة، في مطلع فبراير/شباط الجاري، أن السعودية تدرس إحياء خطط لطرح ثانوي لأسهم في شركة أرامكو لجمع ما لا يقل عن 40 مليار ريال (حوالى 10 مليارات دولار).

وتتوقع الحكومة السعودية عجزا ماليا خلال السنوات المقبلة مع زيادة الإنفاق لتحقيق أهداف رؤية 2030، وتهدف إلى الحفاظ على نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي فوق 5%.

لكن صندوق النقد الدولي خفض توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي إلى 2.7% في 2024 من 4% كانت متوقعة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينما توقع أن يظل نمو النشاط غير النفطي قويا هذا العام.

وفي المقابل، رفع الصندوق، في تقرير نشره مطلع فبراير/شباط، توقعاته بشأن نمو الاقتصاد السعودي لعام 2025 إلى 5.5% من 4.2% كانت متوقعة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وانعكس تأرجح التقديرات على آراء خبيرين استطلعت "العربي الجديد" استشرافهما لمستقبل الناتج المحلي الإجمالي للسعودية في ضوء مستجدات قطاع الطاقة خصوصا. 

اضطراب نفطي 

يشير الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، إلى أن انكماش الاقتصاد السعودي في عام 2023 يعود بالأساس إلى الاضطراب الذي أصاب سوق النفط وركود الاقتصاد العالمي؛ ما خفف الطلب على النفط ودفع المملكة العربية السعودية وتكتل "أوبك+" إلى التوجه نحو تقليص الإنتاج النفطي، حسبما صرح لـ "العربي الجديد".

وأثر تقليص الإنتاج على النمو الاقتصادي السعودي، إذ يمثل قطاع النفط نحو 42% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، بحسب عجاقة، الذي بيّن في الوقت ذاته أن هذا الانكماش الاقتصادي لن يستمر على الأرجح.

ويستند عجاقة في ترجيحه إلى النمو الملحوظ في قطاع الأنشطة غير النفطية بالسعودية، والذي بلغ حدود الـ 5%، إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه المسؤولون السعوديون لهذا القطاع بهدف تنويع اقتصاد المملكة.

ومع الزيادة المتوقعة في نسبة النمو بالقطاع غير النفطي، وفقا للتوجهات المعلنة من جانب الحكومة السعودية، فمن المتوقع أن يساهم النشاط الحكومي وناتج القطاع غير النفطي في تجنب تكرار الانكماش بالاقتصاد السعودي عام 2024، بحسب عجاقة. 

التدفقات والإمدادات 

يؤكد الخبير في الاقتصاد الدولي، رائد المصري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن انكماش الاقتصاد السعودي يرتبط بتراجع في تدفقات النفط وتراجع في أسعاره، بعدما خفضت السعودية الإنتاج عبر تكتل "أوبك+" تجاوبا مع مستجدات العرض والطلب، إذ إن اضطرابات الطاقة خلال عام 2023 والحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى اضطراب سلاسل التوريد، كلها عوامل خففت من ارتفاع أسعار النفط.

وأضاف أن السعودية كانت تعول على أسعار نفط مرتفعة، ولذا فإن تراجع الأسعار كان له التأثير الأبرز في انكماش كبير باقتصادها، ما دفع شركتها النفطية العملاقة "أرامكو" إلى التوصية بطرح أسهم لجمع 10 مليارات دولار.

ويلفت المصري إلى أن أرامكو أوصت أيضا بأن تتراجع السعودية عن زيادة إنتاجها بمقدار مليون برميل نفط، وأن تبقي على معدل الإنتاج الحالي، البالغ 12 مليون برميل يوميا، واعتبر أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يبقي الانكماش الاقتصادي مستمراً في عام 2024.

أما إذا تحسنت أسعار النفط وتحسنت الموارد والإمدادات حول العالم، فسيزيد معدل الاستهلاك والزيادة في كميات النفط التي تعتمد عليها السعودية في ميزانيتها، وبالتالي ستشهد الميزانية ارتفاعا نسبيا، حسب المصري.

غير أن الخبير في الاقتصاد الدولي يشير، في الوقت ذاته، إلى اعتماد مزيد من الإنفاق على الخدمات الحكومية والرواتب والإنشاءات والبنى التحتية في السعودية، ما يؤثر على الميزانية.

ولذا يرجح أن يشهد عام 2024 انكماشا بالاقتصاد السعودي، كما كان الحال في عام 2023، إلا إذا طرأت متغيرات على مستوى سلاسل التوريد أو مستوى الاستهلاك النفطي.

المساهمون