بيتكوين تصنع مليونيرات في أيام وتُفلس آخرين

بيتكوين تصنع مليونيرات وتُفلس آخرين في أيام ... طرحت أول مرة ب6 سنتات أميركية

05 يناير 2021
سيدة مام محل صيرفة في إسطنبول يتاجر بالـ"بيتكوين"
+ الخط -

بينما باتت عملة بيتكوين تصنع مليونيرات في أيام، فإن مخاطر هبوطها الحاد تهدد بإفلاس الملايين من صغار المستثمرين، خاصة الذين دخلوا سوق العملات الرقمية في وقت متأخر. فالعملة الرقمية الأكثر جاذبية للمستثمرين تتأرجح صعوداً وهبوطاً، بمستويات حادة تحطم كل الأرقام القياسية للتعامل في الأدوات المالية. وحسب موقع "كوين ديسك" المتخصص في متابعة العملات الرقمية خسرت بيتكوين 13% من قيمتها يوم الإثنين.  وهذا مستوى مخيف وجنوني في نفس الوقت بالنسبة للمضاربين؛ إذ ارتفعت بيتكوين في التعاملات الصباحية، يوم الإثنين، إلى 34.6 ألف دولار وبعد ساعات قليلة تراجعت العملة إلى أقل من 30 ألف دولار.

وهذا المستوى المرعب من التأرجح لم تشهده أية أداة مالية، ويشبه إلى حد ما التعاملات التي تجري في البورصات العالمية في أوقات انهيار الأسواق. وحققت بيتكوين للمستثمرين مكاسب فاقت أية أداة مالية أخرى في العام الماضي 2020 إذ ارتفعت بمعدل 300%، كما كسبت في أيام العطلة من العام الجاري نحو أربعة آلاف دولار. 

وهذا الارتفاع المذهل في سعر بيتكوين، يعود إلى خمسة عوامل رئيسية وهي: دخول المؤسسات الاستثمارية وكبار مليارديرات السوق الأميركية "وول ستريت" في المضاربة على العملات الرقمية وتحديداً بيتكوين. وحسب خبراء، فإن هؤلاء المستثمرين الذين يملكون الخبرة الاستثمارية يدخلون سوق بيتكوين بمئات الملايين لتحقيق أرباح سريعة من السوق ثم يهربون منها وينتظرون تراجعها إلى مستويات دنيا من قبل القطيع الاستثماري الذي لا يملك الخبرة ويتبع فقط التوجهات السعرية. وثانياً تراكم السيولة الدولارية في الحسابات المصرفية التي لا تجلب عوائد لأصحابها بسبب مستويات الفائدة الصفرية وتحت الصفرية في العديد من الاقتصادات العالمية الكبرى. ولاحظ محللون في مجلة "بارونز" المالية الأميركية، أن ضيق القنوات الاستثمارية التي تحقق عوائد كبيرة لأصحاب الحسابات المصرفية دفعهم إلى التوجه نحو العملات الرقمية والمخاطرة بجزء من مدخراتهم في المضاربة على بيتكوين. وثالثاً: طموحات الشباب خاصة في آسيا وأميركا بتحقيق حلم الثراء السريع، في وقت تم الترويج للمليونيرات الذين صنعتهم العملات الرقمية في شهور وأعوام وبشكل كبير في الإعلام الغربي. وحسب بيانات موقع "كوين ديسك" المتخصص في العملات الرقمية ارتفع عدد أصحاب "الحسابات الرقمية" أي الذين يملكون حسابات في منصات بيتكوين للتداول من 5 ملايين في العام 2016 إلى مائة مليون في العام 2020.

ورابعاً، النظر للعملات الرقمية كـ"خزين للقيمة" في وقت تتضاءل الثقة بالعملات التقليدية بسبب الزيادة الهائلة في الكتلة النقدية. ويلاحظ أن عمليات التحفيز وسياسات التيسير الكمي التي نفذتها الحكومات العالمية في العام الماضي بلغت أكثر من 18 تريليون دولار. كما أن هنالك توجهاً في العام الجاري نحو مزيد من التحفيز النقدي والتيسير المالي ربما يبلغ نحو 3 تريليونات في الولايات المتحدة ونحو تريليوني دولار في أوروبا مع تفشي السلالة الجديدة من فيروس كورونا. أما العامل الخامس، فهو توجه العديد من المتاجر والمؤسسات الخدمية لقبول بيتكوين في تسوية الفواتير. وتضاف إلى هذه العوامل محفزات أخرى غير مرئية لصالح بيتكوين من بينها استخدامها في إخفاء الأموال المجنية من المخدرات والجريمة المنظمة، وسط تشديد الإجراءات المصرفية الجديدة في المصارف الغربية والمعروفة باسم "اعرف عميلك"، وهي إجراءات تطلب من أصحاب الحسابات المصرفية الإجابة على الكثير من الأسئلة الخاصة بمصادر الأموال. 
ولكن رغم هذه العوامل، هنالك مخاطر من انهيار العملات الرقمية، وعلى رأسها بيتكوين، من بين هذه المخاطر، احتمال إصدار البنوك المركزية لعملات رقمية خلال الأعوام المقبلة، مثل ما هو حاصل الآن في الصين، كما أن العديد من الحكومات تنوي فرض ضرائب على تعاملات العملات الرقمية وأرباحها. وعملية فرض الضرائب لا تجري مناقشتها فقط في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ولكنها تجري كذلك في دول أخرى. أما الخطر الأكبر الذي يواجه عملة بيتكوين، فهو التنسيق المحتمل بين المصارف المركزية بقيادة مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) لحظرها وتجريم المتعاملين فيها. 

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

حتى الآن، بلغت القيمة السوقية لبيتكوين 624. 23 مليار دولار، كما بلغ عدد العملات المتداولة منها 18.589 مليون قطعة بيتكوين. وعلى الرغم من أن بيتكوين تشبه الذهب من حيث الكمية المحدودة المرتبطة بسقف المعروض، إذ إن كليهما مرتبط بسقف محدد من المعروض، إلا أن الإقبال على بيتكوين يفوق كثيراً الإقبال على الذهب. ويقدر سوق الذهب العالمي بنحو 12.247 تريليون دولار، وهو ما يعادل 20 ضعفاً من سوق بيتكوين. وكان يمكن لهذا الحجم المحدود من الذهب أن يدفع الأسعار للارتفاع بمستويات أكبر. ولكن يلاحظ أن سعر الذهب لا يتحرك في المتوسط إلا بمعدل ضئيل مقارنة بتحرك أسعار بيتكوين. ويعزو المحلل الأميركي كوك غرومين في تغريدة على تويتر ذلك إلى التعاملات الضخمة التي تجري في ما يطلق عليه "الذهب الورقي"، أي المشتقات المالية والأدوات الآجلة المرتبطة بالذهب التي يجري تداولها في أسواق المال. وهذه التداولات الورقية على الذهب تضر كثيراً بأسعار الذهب الحقيقي. ووفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي بلغ حجم الذهب العالمي 197.500 طن حتى العام 2019.

المساهمون