الكوارث الطبيعية تهدد شركات التأمين بالإفلاس

شركات التأمين في خطر... الكوارث الطبيعية ترفع خسائرها وتهددها بالإفلاس

09 اغسطس 2022
من حرائق غابات ولاية كاليفورنيا الأميركية (لويس سينكو/Getty)
+ الخط -

تواجه صناعة التأمين العالمية التي يقدر حجمها السنوي بنحو 5 تريليونات دولار "أزمة بقاء" حقيقية خلال العام الجاري وربما السنوات المقبلة بسبب التداعيات السالبة للتغير المناخي الذي رفع من أخطار الفيضانات وانتشار الحرائق في أنحاء العالم وبالتالي رفع من خسائر الصناعة إلى مستويات غير مسبوقة.

وحسب دراسة صادرة في 22 مايو/ أيار الماضي عن سلطة التأمينات والمعاشات التابعة للمفوضية الأوروبية، فإن التغير المناخي بات يهدد بقاء صناعة التأمين. حيث تقدر الدراسة إجمالي حجم الممتلكات المؤمن عليها وباتت عرضة لكوارث التغير المناخي بدول الاتحاد الأوروبي وحده بمبالغ فلكية تصل إلى عشرات التريليونات من الدولارات. وتقدر الدراسة إجمالي حجم الممتلكات المعرضة لكوارث العواصف والفيضانات من المباني والأعمال التجارية ومحتوياتها وما تسببه هذه العواصف من أعطال للعمل بدول الاتحاد الأوروبي بنحو 42.6 تريليون يورو (نحو 43 تريليون دولار) وإجمالي قيمة المباني والممتلكات المعرضة لأخطار فيضانات الأنهار بنحو 28.9 تريليون يورو (نحو 29 تريليون دولار) وتلك المعرضة لأخطار الحرائق كذلك بنحو 22.9 تريليون يورو (نحو 23 تريليون دولار).
وتدعو الدراسة المفوضية الأوروبية وشركات التأمين إلى إيجاد حلول عملية للتعامل مع كوارث التغير المناخي في المستقبل. كما تدعو إلى تعاون الدول مع شركات التأمين لتوعية حاملي رخصة التأمين للأخطار التي تواجهها ممتلكاتهم. وفي مقابل هذه الأخطار الضخمة، يقدر تقرير سابق بمجلة "الإيكو نومست" قيمة رخص التأمين السنوية على المنازل ومحتوياتها بنحو 2.4 ترليون دولار في العام 2018.
وفي ذات الصدد، يقدر معهد سويس ري، التابع لشركة سويس ري، كبرى شركات التأمين في العالم في تقرير بداية الشهر الجاري، خسائر شركات التأمين من كوارث الفيضانات خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو 35 مليار دولار. وهذه الكلفة تشمل فقط الممتلكات المؤمن عليها، ولكن إجمالي الخسائر الاقتصادية من الكوارث تقدره الشركة بنحو 72 مليار دولار.

كما أنّ شركات التأمين لم تنته بعد من حساب كلفة خسائر الحرائق التي التهمت الغابات والمنازل والممتلكات الشخصية في أوروبا وغربي الولايات المتحدة في النصف الأول. وشهدت ولاية كاليفورنيا وإسبانيا والبرتغال واليونان حرائق كثيفة خلال الشهر الماضي بسبب ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير معهودة في العديد من دول العالم. ويقول مارتن بيرتوغ رئيس وحدة الكوارث الطبيعية في شركة سويس ري: "تأثير التغير المناخي بدأ يظهر بشكل واضح في تزايد حوادث الفيضانات في أستراليا وجنوب أفريقيا وآسيا، وأن هذه الكوارث رفعت من خسائر شركات التأمين في أنحاء العالم". من جانبها تقدر مجلة إنشورنس جورنال إجمالي خسائر شركات التأمين في النصف الأول من العام الجاري بنحو 34 مليار دولار وتقول إنّ هذا الرقم يغطي فقط نحو 50% من كلفة خسائر الفيضانات في العالم التي تقدرها بنحو 65 مليار دولار، إذ إنّ العديد من الممتلكات التي تعرضت للدمار في العالم لم يتم التأمين عليها.
وفي ذات الشأن ترى شركة ميونخ ري، أنّ ما رفع من خسائر شركات التأمين خلال النصف الأول من العام الجاري الزلزال الذي ضرب اليابان وتسبب في خسائر لصناعة التأمين بلغت قيمتها 2.8 مليار دولار. وتشير "ميونخ ري" في تقريرها الصادر في نهاية يوليو/ تموز إلى أنّ خسائر الكوارث الطبيعية في آسيا بلغت 22 مليار دولار من بينها ممتلكات مؤمن عليها تقدر قيمتها بنحو 8 مليارات دولار، وذلك خلال النصف الأول من العام. لكن يلاحظ أن معظم دول آسيا الجنوبية والمناطق الفقيرة في الهند غير مشمولة ببيانات خسائر الكوارث لأنه ببساطة التأمين في هذه الدول يشمل الأحياء الغنية في المدن فقط.
وفي أميركا تشير "ميونخ ري" إلى أن خسائر الكوارث الطبيعية بلغت في النصف الأول من العام الجاري 28 مليار دولار من بينها ممتلكات قيمتها 19 مليار دولار مؤمَّن عليها. وتعد فيضانات الساحل الصيني من الفيضانات الأكثر كلفة اقتصادية في آسيا، حيث بلغت خسائرها نحو 8.7 مليارات دولار. وبلغ إجمالي الخسائر التي تسببت فيها الكوارث الطبيعية خلال النصف الأول التي تتضمن ما تسبب فيه الإنسان مثل الحوادث الصناعية، بقيمة 75 مليار دولار. وبلغت فاتورة شركات التأمين في النصف الأول 38 مليار دولار، من بينها 3 مليارات دولار خسائر حوادث بشرية والباقي بسبب الكوارث الطبيعية، حسب بيانات "سويس ري".

وتواصل خسائر شركات التأمين الارتفاع منذ العام الماضي، حيث بلغت أعلى مستوياتها في 10 سنوات. ويذكر أن الإعصار إيدا الذي ضرب ولايات لويزيانا ونيوجرسي ومناطق خليج المكسيك في أميركا بالعام الماضي كلف شركات التأمين الأميركية خسائر تراوحت بين 31 و40 مليار دولار. كما كلفت الحرائق التي ضربت ولاية كاليفورنيا في العام الماضي صناعة التأمين نحو 13 مليار دولار وفقاً لتقرير بمجلة "vox" الأميركية. وبالتالي يرى محللون في قطاع التأمين أنّ خسائر التأمين ستواصل الارتفاع خلال الأعوام المقبلة وتضع القطاع برمته في مخاطر الإفلاس وربما يحتاج إلى معالجة مبكرة.

المساهمون