العراق: غلاء الأعلاف والجفاف يهددان الثروة الحيوانية

العراق: غلاء الأعلاف والجفاف يهددان الثروة الحيوانية

22 مارس 2022
الجفاف فاقم مشاكل مُربي المواشي (فرانس برس)
+ الخط -

يواجه قطاع الثروة الحيوانية في مناطق وسط وجنوب العراق، الكثير من التحديات التي تسببت في انخفاض مستوى تربية المواشي والدواجن إلى نسبة تصل إلى أكثر من 50% خلال الفترة الماضية، بسبب عوامل كثيرة، أبرزها الجفاف وانعدام الدعم الحكومي لقطاع المربين، بتجاهل وسائل الدعم من أعلاف ولقاحات وخدمات بيطرية مع استمرار تسجيل الأوبئة بين فترة وأخرى.

وتظهر آثار شح المياه في العراق على مناطق جنوب العراق أكثر من غيرها، لأن مرور نهري دجلة والفرات، يكون في نهاياته عند الدخول إلى محافظات الجنوب قادمة من مناطق شمال وغربي العراق.

ودفع بالكثير من مربي الأبقار والمواشي إلى التقليل من مساحة مشاريعهم لعدم توفر المياه أو بسبب قلة الدعم وارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية، وهو ما انعكس بطبيعة الحال على أسعار اللحوم المحلية في العراق مقارنة بالمستوردة من تركيا وإيران.

ولا تتوفر أي أرقام تتعلق بإحصاء الثروة الحيوانية في العراق، وتعتمد السلطات على إطلاق أرقام تقريبية عادة ما تكون مستندة على معدلات الاستهلاك للأعلاف أو أرقام يقدمها مربو المواشي، وهي غير دقيقة.

لكن العام الماضي، قالت وزارة الزراعة إنها أطلقت حملة لترقيم الثروة الحيوانية بكلفة تبلغ نحو 10 مليارات دينار (نحو7.8 ملايين دولار)، تشمل الأبقار والأغنام والماعز والإبل والجاموس والخيول، بهدف معرفة الكثافة الحيوانية والحاجة الفعلية للبلاد، لإقامة مجمعات زراعية وصناعية للاستفادة منها، وتوفر اللقاحات البيطرية لها.

وتقدّر أعداد الماشية من الأغنام بنحو 12 مليون رأس، وأكثر من 7 ملايين من الماعز، ومليونين ونصف المليون من البقر ونحو نصف مليون من الجاموس، ومثلها من الإبل، وفقا لتقديرات غير علمية سابقة صدرت عن الجهاز المركزي للإحصاء قبل عدة سنوات.

ولا تتوفر أي أرقام تتعلق بنسبة الانخفاض، لكن مسؤولا في وزارة الزراعة العراقية تحدّث بشكل مقتضب لـ"العربي الجديد"، عن أنها تقدر بنحو 15 بالمائة، عما كانت عليه في السابق، وأن الأبقار والجاموس هي الأكثر تضررا، تليها قطاع تربية الأسماك، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى شح المياه وقلة الدعم الحكومي، وفقا للمسؤول ذاته الذي أكد أن محافظة العمارة هي الأكثر تضررا، تليها المحافظات التي شهدت احتلال تنظيم "داعش"، وما رافقها من نزوح وتهجير وعمليات عسكرية وإرهابية.

ويعزو رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق، حسن التميمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، الانخفاض الحاصل في الثروة الحيوانية وقطاع الإنتاج بالمجمل في مناطق وسط وجنوب العراق، إلى "النقص الحاد في كميات الأعلاف، وعدم توفر الدعم الحكومي اللازم".

ويضيف التميمي أن "انخفاض مستوى الثروة الحيوانية يدعو إلى قلق كبير على مستقبل الثروة الحيوانية في العراق"، وطالب التميمي الحكومة في بغداد بتوفير الدعم اللازم لوزارة الزراعة، من أجل العمل على إيجاد السبل الناجحة لتوفير الأعلاف لمربي ومنتجي الثروة الحيوانية، متحدثا عن إغلاق الكثير من المشاريع الخاصة بتربية وتسمين المواشي بسبب قلة الدعم.

يُعتبر العراق بلداً زراعياً بالدرجة الأساس، ويشتهر بتربية أنواع عديدة من المواشي كالأغنام، الماعز، الأبقار، الجاموس، فضلاً عن حقول الدواجن، وتعاني الثروة الحيوانية في العراق العديد من المشاكل، منها طبيعية وأخرى بشرية، نتيجة لغياب التخطيط والدعم.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، في حديثٍ خاص لـ"العربي الجديد"، أن الثروة الحيوانية في العراق انخفضت إلى نسبة تصل إلى أكثر من 50%، فيما دُمرت البنى التحتية ومشاريع الثروة الحيوانية بشكل كامل بعد غزو العراق سنة 2003، مشيرا إلى عدم إعادة تأهيل وتطوير هذه المشاريع، نتيجة للظروف التي شهدها البلد وعدم وجود السيولة المالية للنهوض بهذا القطاع.

وبيّن النايف أن تراجع الثروة الحيوانية في العراق كانت أسبابه عديدة، منها عدم وجود نظام لتلبية الاحتياجات من الأعلاف بسبب إلغاء الدعم على محاصيل الذرة الصفراء والشعير بشكل كامل، فضلاً على اعتماد استيرادها من خارج العراق، مما يجعل المنتجين غير قادرين على استيرادها بالعملة الصعبة، خاصة بعد ارتفاع قيمة الدولار في العراق.

ولفت إلى أن وزارته عملت على تخطيط عدد من المشاريع لدعم الأعلاف من خلال زراعتها محلياً، إلا أنها اصطدمت بشح المياه والتصحر الذي يشهده العراق، مما منع تنفيذ الكثير من مشاريع زراعة المحاصيل التي تستخدم كأعلاف للمواشي والدواجن، بالإضافة إلى الجفاف والتصحر الذي دفع الكثير من مربي الحيوانات إلى بيع أعداد كبيرة من مواشيهم لغرض شراء الأعلاف بأسعار باهظة لإنقاذ ما تبقى لديهم من قطيع.

ويعتبر التخطيط الاستراتيجي من أهم عوامل نجاح القطاعات الاقتصادية، إلا أن قطاع الثروة الحيوانية في العراق مهمل، كما هو حال باقي القطاعات الاقتصادية.

وقالت الخبيرة في الشأن الاقتصادي العراقي، سلامة سميسم، "إن عدم وجود سياسة اقتصادية واعية تهدف إلى تعزيز القاعدة الإنتاجية في العراق، تسبب في تراجع إنتاج الثروة الحيوانية"، محملةً الدولة مسؤولية عدم تقديم الفرص والدعم اللازم الذي يحتاج إليه القطاع الخاص لاستثمار إنتاج الثروة الحيوانية، بالتالي هناك تراجع كبير في كميات الإنتاج من أصل الحجم الكلي للمنتجات التي تغطي السوق المحلية.

وأضافت سميسم لـ"العربي الجديد"، أن هناك عوامل طبيعية عززت تراجع هذه الثروة، كالجفاف والتصحر وانخفاض مناسيب المياه وغيرها، فضلاً عن وجود عوامل بشرية تتعلق بسوء تطبيق القوانين، وانعدام الفرص التشجيعية للاستثمار الزراعي وآليات توزيعه والإجراءات الإدارية.

في المقابل، حمّل رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في محافظة ميسان، كريم حطاب جيجان، وزارة الزراعة، مسؤولية تدهور إنتاج قطاع الثروة الحيوانية، بسبب التقصير الكبير في أداء مهامها.

وحذر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، من خطر كبير يهدد الثروة الحيوانية في جنوب العراق، بسبب تدهور أوضاع الفلاحين ومربي المواشي، نتيجة لهجرة الكثير من المزارعين ومربي المواشي، لعدم استطاعتهم مواصلة عملهم لما تعرّضوا له من خسائر كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، مما دعاهم إلى ترك الحقول والأهوار والهجرة إلى المدينة".

دلالات

المساهمون