نفذت الاتحادات العمالية والنقابات والهيئات في لبنان، اليوم الخميس، إضراباً عاماً احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ورفضاً للمماطلة الحاصلة في تشكيل الحكومة نظراً للتجاذبات السياسية المستمرة بين الأحزاب التقليدية والمعنيين بالملف الحكومي.
وانضمت إلى الإضراب جمعية المصارف وعددٌ من الأحزاب السياسية التي دعت مناصريها للمشاركة بكثافة في التحرك، الأمر الذي انعكس سلباً على اليوم الاحتجاجي، حيث أكدت مجموعات عمالية ومدنية أن نزول المعتصمين إلى الشارع بهدف الاعتراض على ممارسات الطبقة الحاكمة التقليدية التي أوصلت البلاد إلى الانهيار ومن خلفها المصارف التي تحتجز ودائع الناس وتصرف جنى عمرهم على مشاريع عشوائية وغير شفافة.
وأكد عددٌ من المشاركين في وقفة الاتحاد العمالي العام، اليوم، في بيروت، لـ"العربي الجديد"، أنّ المطالب باتت واضحة بالحث على تشكيل حكومة جديدة من اختصاصيين ذوي كفاءة ونزاهة وكف نظيف يضعون برنامجاً إصلاحياً يحوز على ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي.
ووفق مشاركين أيضا فإنه إلى لا خلاص للبنان إلا بالدعم المالي الخارجي للنهوض اقتصادياً والخروج من الانهيار الشامل الذي ترتفع حدة تداعياته يوماً بعد يوم في ظل الغلاء الفاحش وارتفاع سعر صرف الدولار الذي يواصل تحليقه عالياً، ورفع الدعم المبطّن الذي أرهق الناس وسيزيد من معدلات الفقر والجوع.
وشدد المشاركون على أن التحرك اليوم هو بوجه الطبقة السياسية والمصارف، مستغربين انضمامهم إلى التحرك والنأي بأنفسهم عن المسؤولية وكأنهم ضحية مثل الشعب اللبناني بينما هم المسؤولون عن الكوارث التي تحصل في لبنان.
وحذر رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، في كلمة له اليوم أمام مقرّ الاتحاد في بيروت، من المماطلة في تشكيل الحكومة والاستمرار في التراشق والمحاصصة، داعياً إلى الإسراع في تأليف حكومة إنقاذ بهدف التصدي للأزمات ولجمها.
وشدد الأسمر على أن ممارسات الطبقة السياسية تدفع اللبنانيين إلى سلوك طريق الهجرة وقتلهم من دون استخدام الرصاص، داعيا إلى ضرورة أن يبادر المسؤولون بالتوقف عن سياسة القتل والتنازل لصالح بقاء الوطن الذي لا شيء أكبر منه.
من جهته، نفذ الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان وقفة تضامنية، اليوم، في بيروت، وقطعوا الطريق بالفانات والسيارات، ورفعوا مطالب تأليف حكومة إنقاذ وطني، والتحرك لوقف ارتفاع سعر صرف الدولار، الذي يؤدي إلى تدهور قيمة العملة الوطنية بأكثر من 90 في المائة وإلى انهيار قدرتهم الشرائية في ظلّ الغلاء الحاصل.
وشدد المشاركون على أنهم لم يعد بإمكانهم التحمّل، وحتى أعمالهم باتت عبئاً عليهم، سواء على صعيد عدم قدرتهم على تأمين البنزين لسياراتهم أو إصلاح السيارات وشراء قطع الغيار التي تسعّر جميعها على أساس سعر صرف الدولار في السوق السوداء، أي 15 ألف ليرة وما فوق.
ودعا السائقون الدولة إلى إقرار خطة النقل العام وتطبيق قانون السير وتحسين وضع الضمان الاجتماعي، وحل موضوع أصحاب الشاحنات العاملة على خط الترانزيت، منبهين إلى أن هذا التحرك لن يكون الأخير بل ستتبعه خطوات أخرى أكثر تصعيداً.
وأُقفل عدد من الطرقات اليوم في إطار الإضراب العام، سواء في الشمال أو الجنوب والبقاع وبيروت، وردد المحتجون مطالب تدعو إلى تشكيل حكومة بأسرع وقتٍ ممكن، ملوحين بتحركات أكثر كثافة في الفترات المقبلة في ظلّ غياب الحلول.
على صعيدٍ ثانٍ، أقفلت معظم محطات الوقود أبوابها، اليوم، فيما عمد عدد قليل منها إلى الفتح لتلبية حاجات المواطنين والسائقين، الأمر الذي أدى إلى تسجيل طوابير طويلة تنتظر دورها.
وعاود سعر صرف الدولار اليوم الارتفاع مسجلاً بين 15200 و15500 ليرة لبنانية في السوق السوداء بعدما كان قد شهد أمس، الثلاثاء، انخفاضاً ملحوظاً وصل إلى 14300 ليرة.