استمرار أزمة احتجاز عائدات النفط الليبية: صراع على الأموال

استمرار أزمة احتجاز عائدات النفط الليبية: صراع على الأموال

12 ديسمبر 2022
من احتجاج على إيقاف مليشيات تابعة لخليفة حفتر إنتاج النفط في 2020 (الأناضول)
+ الخط -

أكد مصرف ليبيا المركزي أنّ "إيرادات مبيعات النفط ما زالت محتجزة لدى المصرف الليبي الخارجي"، مشيراً، في بيان عن الإيراد والإنفاق خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام الجاري، إلى أن إيرادات مبيعات النفط بلغت خلال هذه الفترة 67 مليار دينار، في حين ان إيرادات النقد الأجنبي الموردة إليه وصلت إلى 19 مليار دولار.

وأظهرت بيانات المصرف المركزي أن الإيرادات النفطية بلغت خلال الفترة من 1 يناير/كانون الثاني حتى 30 إبريل/ نيسان 37.4 مليار دينار، بينما سجل الرقم منذ مطلع العام وحتى نهاية مايو/أيار 37.3 مليار دينار، ليظل ثابتاً عند هذا الحد حتى نهاية يونيو/حزيران، قبل أن يزيد إلى 56.1 مليار دينار في نهاية يوليو/تموز، ويواصل الارتفاع حتى 56.9 مليار دينار في نهاية أغسطس/آب، ليبلغ بعدها 67 مليار دينار (الدولار يعادل 4.85 دينار) في نهاية سبتمبر/أيلول ويظل ثابتاً عند هذا الرقم بنهاية أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني.

وأكدت مصادر مسؤولة في مصرف ليبيا المركزي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الإيرادات النفطية لشهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول لم تحوَّل من حسابات المصرف الليبي الخارجي إلى حساب مصرف ليبيا المركزي، بينما يفترض تحويلها بعد 72 ساعة من تحصيلها".

وقال خبراء اقتصاد إن أرقام المصرف المركزي تظهر احتجاز الكثير من إيرادات النفط في الخارج وعدم توريدها إلى البنك المركزي، في ظل تأثر موارد البلاد بالتجاذبات السياسية بين المتصارعين على السلطة، فيما رأى آخرون أنّ احتجاز العائدات "حلّ مناسب لمنع هدر الأموال" في ظل هذه الظروف.

بينما امتنع مسؤولو المؤسسة الوطنية للنفط عن التعليق عما جاء في بيان المصرف المركزي بشأن احتجاز الإيرادات وإلى متى سيتسمر هذا الوضع.

وسبق أن بررت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، في مناسبات عدة، احتجاز عائدات النفط في حساباتها لدى المصرف الليبي الخارجي بترقب الوصول إلى تسوية سياسية شاملة، مشيرة إلى أنّ احتجاز الأموال يأتي "بشكل مؤقت".

وأشار الخبير الاقتصادي الليبي عبد الفتاح أبوقصة إلى أنّ احتجاز عائدات النفط في المصرف الليبي الخارجي على ضوء الصراعات السياسية تسبب في تأثيرات سلبية على الاقتصاد، منها ارتفاع سعر العملات الأجنبية وتأخر صرف الرواتب وعدم القدرة على زيادتها لمواجهة الأعباء المعيشية المتزايدة في ظل الغلاء.

ويسيطر قطاع النفط، منذ ستينيات القرن الماضي، على الأنشطة الاقتصادية التقليدية في ليبيا، حتى أصبح المصدر الرئيسي للدخل القومي في البلاد، إذ تمثل صادرات النفط أكثر من 90% من الإيرادات الحكومية وأكثر من 95% من عائدات التصدير، وفق البيانات الرسمية.

وتشهد ليبيا منذ مارس/ آذار الماضي صراعاً حول السلطة بين الحكومتين، إذ تسيطر حكومة الدبيبة على العاصمة ومؤسسات الدولة السيادية والمالية، وترفض تسليم السلطة إلا بعد إجراء الانتخابات، وتقابلها حكومة فتحي باشاغا المدعومة من جانب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والمقبولة في مناطق اللواء المتقاعد خليفة حفتر، شرقيّ البلاد وجنوبيها، والتي تطالب بدخول طرابلس، وحاولت ذلك في ثلاث مناسبات، فيما تتخذ الآن من مدينة سرت مقراً مؤقتاً لها.

وإلى جانب إقحام ورقة الثروة النفطية في الصراع السياسي، دخل المتصارعون على السلطة مؤخراً في سباق إصدار قرارات ووعود، وصفها محللون بـ"الشعبوبة"، منها زيادة الرواتب وتوزيع ثروات البلاد.

وسبق أن تعرضت الإيرادات النفطية للاحتجاز من جانب مؤسسة النفط نهاية 2020 في حساباتها لدى المصرف الليبي الخارجي. وفي 2021، أنهت المؤسسة الحجز على الإيرادات وأفرجت عن 7.76 مليارات دولار كانت مجمدة أربعة أشهر و14 يوماً.

ورأى الخبير المصرفي الليبي معتز هويدي أن احتجاز الإيرادات أمر ضروري، قائلا في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه "يأتي لمنع هدر الأموال التي تصرف هنا وهناك، فالحكومة في طرابلس منتهية الشرعية وهي حكومة تصريف أعمال ولا تريد تسليم السلطة، بينما تقوم بالإنفاق العشوائي"، مضيفا أن احتجاز مؤسسة النفط عائدات التصدير مرهون بالوصول إلى تسوية سياسية بين جميع الأطراف.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتنتج ليبيا حالياً نحو 1.260 مليون برميل يوميا من النفط الخام، وتأمل زيادة الإنتاج إلى 1.45 مليون برميل يومياً بنهاية 2022، وصولاً إلى 1.6 مليون برميل يومياً في 2023، و2.1 مليون برميل يومياً في السنوات المقبلة.

وقال المحلل الاقتصادي أبو بكر الهادي إن "هناك معارك كسر عظم بين الحكومة في طرابلس والبرلمان في الشرق لصرف الأموال من أجل الحصول على قاعدة شعبية".

وتمتلك المؤسسة الوطنية للنفط الحقوق الحصرية لإدارة النشاطات النفطية في ليبيا، وإجراء التعاقدات بشأنها، بينما يشرف المصرف المركزي على إدارة العائدات المحصلة من عمليات بيع النفط، بحسب القوانين المعمول بها في هذا البلد الغني بالثروات النفطية.

ورفعت وكالة الطاقة الأميركية، في تقرير حديث، حجم احتياطي النفط الليبي من 48 مليار برميل إلى 74 ملياراً، بعدما أظهرت بيانات حلول ليبيا في المركز الخامس عالمياً في احتياطيات النفط الصخري.

المساهمون