احتيال يطاول الطاقة الشمسية في لبنان وسط أزمة كهرباء واسعة

احتيال يطاول الطاقة الشمسية في لبنان وسط أزمة كهرباء واسعة

04 أكتوبر 2022
كلفة عالية لتمديد الطاقة الشمسية (Getty)
+ الخط -

عندما عرض بائع متجول على مازن كنعان فرصة للهروب من انقطاع الكهرباء المنتظم في لبنان وارتفاع فواتير الكهرباء عن طريق تركيب لوحة شمسية رخيصة في منزله في العاصمة بيروت، اعتبر كنعان أنها الفرصة المناسبة. في غضون أسبوعين، تعطلت الألواح، وتوقف البائع عن الرد على مكالماته.

قام خبير الطاقة عماد حاج شحادة من معهد البحوث الصناعية (IRI) بفحص النظام في وقت لاحق وخلص إلى أن كنعان ربما تم بيعه لوحة بالية تم انتزاعها من أحد العقارات ثم تم الإعلان عنها على أنها جديدة.

قال كنعان، محاسب يبلغ من العمر 39 عاماً، "كان من المفترض أن تستمر الألواح في العمل 10 سنوات، بالكاد استمرت 10 أيام. لقد كنت أدخر من أجلها لأكثر من ثلاثة أشهر. في النهاية كان كل هذا مجرد عملية احتيال".

كنعان من بين عدد متزايد من الأشخاص الذين وقعوا ضحايا لمنشآت الطاقة الشمسية الرديئة والمحتالين في بيروت، حيث أدى نقص الطاقة إلى اندفاع نحو الطاقة الخضراء، كما يقول الخبراء. وشرح كنعان أنه أبلغ الشرطة بالحادثة، لكن "لم يؤخذ الأمر على محمل الجد، حيث قال ضابط الشرطة إن هناك قضايا أكبر في الوقت الحالي".

وأدت عقود من سوء الإدارة المالية والفساد بين النخبة في لبنان إلى إغراق البلاد في أزمة اقتصادية عميقة أدت إلى تآكل قيمة العملة وتركت البنية التحتية الوطنية، بما في ذلك توليد الطاقة، في حالة من الفوضى.

تقنين ومعاناة

تحصل معظم المنازل على ساعات قليلة من الكهرباء كل يوم، بينما تعتمد العائلات والشركات الأكثر ثراءً على مولدات ديزل باهظة الثمن وملوثة للبيئة. ويشهد لبنان 300 يوم مشمس في السنة، لكن أقل من 1% من الطاقة التي توفرها الدولة تأتي من الطاقة الشمسية، مع 95% مولدة باستخدام النفط. وأخفق لبنان في تحقيق هدف توليد 12% من احتياجاته من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2020.

يتطلع عدد متزايد من المواطنين إلى الطاقة الشمسية كحل ميسور التكلفة وموثوق لمشاكل الطاقة لديهم، لكن الافتقار إلى بنية تحتية متطورة لتوفيرها يعني أنهم يواجهون تكاليف تركيب عالية، ونقصاً في التنظيم، وعمليات احتيال.

قال شحادة، مدير التكنولوجيا في معهد البحوث الصناعية، التابع لوزارة الصناعة: "الناس في لبنان بحاجة ماسة للكهرباء، لذا قد لا يفكرون في بعض الأحيان في النظر في العروض المضللة لهذه المنتجات. كثير من الناس يقعون في هذا الفخ. وهذا يجعل من الصعب على الناس أن يثقوا بالفعل في الإمكانات الخضراء الجديدة".

وشرح شحادة وخبراء آخرون في مجال الطاقة الشمسية أنهم رأوا عدداً متزايداً من حالات الاحتيال، حيث تم استيراد الألواح المعيبة أو القديمة التي تم إعادة تدويرها في الدول الغنية إلى لبنان وتم تمريرها على أنها جديدة. وتابع شحادة لمؤسسة طومسون رويترز: "للأسف، عمليات الاحتيال في مجال الطاقة الخضراء في لبنان دائمة التطور".

وقالت الشرطة الإيطالية في عام 2020 إنها تحقق في محطة لمعالجة النفايات في صقلية للاشتباه في تهريب الألواح الشمسية القديمة إلى أفريقيا والشرق الأوسط لإعادة بيعها، وفقاً لمجلة "بي في" التي تغطي قطاع الطاقة الشمسية. ولفت شحادة إلى أن معظم هذه اللوحات ما زالت تحمل أختاما من التركيب الأصلي الذي يوضح الدولة التي أتت منها. وأشار إلى أن المعهد حدد العام الماضي مجموعة أخرى من الألواح أعيد توجيهها على ما يبدو من منشآت إعادة التدوير في دبي، مضيفاً أنه تم إبلاغ وزارة الطاقة والمياه.

أسعار عالية

وقال بيار الخوري، رئيس المركز اللبناني للحفاظ على الطاقة، وهو جزء من وزارة الطاقة المكلفة بدعم تطوير الطاقة المتجددة، إنه يحقق في القضية. وتابع شحادة أن عمليات الاحتيال ليست مصدر القلق الوحيد، فوجود آليات لتركيب الطاقة الشمسية ذات الجودة الرديئة أمر شائع أيضاً، وهو ما يعكس الحاجة إلى زيادة التدريب والمعايير الخاصة بالصناعة في لبنان.

وقدمت الشركات التي اتصلت بها مؤسسة تومسون رويترز أسعاراً تتراوح بين 4 آلاف دولار و5 آلاف دولار لتركيب لوحة شمسية سكنية يمكنها إمداد منزل بالكهرباء لمدة ست إلى 15 ساعة في اليوم. هذا يعادل 30 ضعف متوسط الأجر الشهري.

وقال مارك أيوب، الباحث في مجال الطاقة في الجامعة الأميركية في بيروت، إن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتطوير سوق طاقة متجددة متكاملة على الصعيد الوطني. ولفت أيوب إلى أنه ينبغي اعتماد نظام الطاقة الشمسية المدعوم من الدولة لتقديم ضمانات حول كمية ألواح الطاقة التي ستنتج ومدة استمرارها.

ولفت إلى أنه "في النهاية، سيؤدي هذا إلى المزيد من الوظائف الخضراء في قطاع الطاقة المتجددة، مما سيساعد الاقتصاد على النمو". وأضاف أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لإعلام المجتمعات بإمكانيات ومخاطر أنظمة الطاقة الشمسية.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون