إبطال قرار الحكومة اللبنانية إلغاء التزاماتها تجاه المصارف

مجلس شورى الدولة ينتصر للمودعين اللبنانيين: إبطال قرار حكومة ميقاتي إلغاء التزاماتها تجاه المصارف

13 فبراير 2024
مقر "مصرف لبنان" المركزي في الحمرا (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

قرر مجلس شورى الدولة إبطال قرار حكومة تصريف الأعمال في لبنان برئاسة نجيب ميقاتي الموافقة على استراتيجية النهوض بالقطاع المالي في شقها المتعلق بإلغاء جزء كبير من التزامات "مصرف لبنان" المركزي بالعملات الأجنبية تجاه المصارف.

وجاء القرار المعلن عنه اليوم، والصادر في 28 صفحة عن مجلس الشورى في السادس من فبراير/شباط الجاري، بناء على الدعوى المقدمة من "جمعية مصارف لبنان" بحق الدولة اللبنانية. (نص القرار كاملاً مرفق بهذا التقرير).

وفي قراره، قبل المجلس المراجعة وأبطل قرار مجلس الوزراء الرقم 3 والصادر عن حكومة ميقاتي في العشرين من مايو/ أيار 2022 بالموافقة على استراتيجية النهوض بالقطاع المالي في شقها المتعلق بإلغاء جزء كبير من التزامات "مصرف لبنان" بالعملات الأجنبية تجاه المصارف، وذلك لتخفيض العجز في رأسمال المصرف المركزي وإغلاق صافي مركز النقد الأجنبي المفتوح للمصرف (Net Open Fx Position).

وقضى القرار أيضاً بتضمين المستدعى بوجهها، أي الدولة اللبنانية، رسوم ومصاريف المحاكمة.

وورد في حيثيات القرار أن تقرير إلغاء جزء كبير من التزامات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية وما تمثله فعلاً هذه الالتزامات من إيداعات للمودعين لدى المصارف الخاصة، يشكل حائلاً دون قيام البنوك بإتمام موجباتها برد الودائع عند الطلب إليها دون أي تأخير وفقاً لما تفرض أحكام المواد 690 وما يليها من قانون الموجبات والعقود.

وبحسب القرار، يؤدي هذا القرار بالتالي إلى الإخلال بالموجبات المهنية المفروضة على المصارف لجهة المحافظة على حقوق المودعين وأموالهم، وضرورة إعادة الوديعة لأصحابها بالطريقة التي تحقق لهم الإيفاء الفعلي ولا تلحق بهم أي ضرر أو تؤدي إلى حرمانهم من الحصول فعلياً على أموالهم أو استعمالها أو استمثارها بشكل منتج.

وبُني القرار على أنه يقتضي، في ضوء ثبوت مخالفة قرار مجلس الوزراء في شقه المطعون فيه لأحكام ومبادئ دستوية ومبادئ مستقاة من اتفاقيات دولية، ولقوانين وطنية (قانون النقد والتسليف، قانون الموجبات والعقود)، إبطال القرار المذكور واعتبار أي إجراء متخذ استناداً إلى هذا القرار مخالفاً بشكل واضح لأحكام الدستور والقوانين المرعية الإجراء.

يُشار إلى أن أزمة عجز المودعين عن سحب ودائعهم من المصارف قد انطلقت شرارتها في أواخر العام 2019، على أثر اندلاع احتجاجات شعبية عارمة على فساد الطبقة الحاكمة والضائقة المعيشية التي يكابدها المواطنون منذ عقود.

ماذا قال ميقاتي عن المشروع المصرفي وأبرز التحديات الاقتصادية؟

إلى ذلك، أكد ميقاتي خلال استقباله وفد "جمعية الإعلاميين الاقتصاديين" بعد ظهر اليوم الثلاثاء في السرايا الحكومية، أن الخروج من الأزمة الراهنة ليس صعبا، علماً أن 3 كوارث كبيرة حصلت في الوقت ذاته في لبنان في السنوات الأربع الأخيرة، وهي أزمة المصارف التي لم يحصل مثلها نسبة إلى حجم الاقتصاد اللبناني، وانفجار مرفأ بيروت وجائحة كورونا".

وتابع قائلاً: "يواجه لبنان تحديات كثيرة ونحن نبذل كل ما في وسعنا ليبقى صامداً ونضعه على سكة التعافي النهائي. ففي عام 2022، أعددنا خطة للتعافي وأرسلناها إلى مجلس النواب، لكن للأسف لم يقرأها إلا قلة من النواب. كما أرسلنا عدة اقتراحات قوانين عبر عدة نواب، لكن المجلس طلب إرسالها بصيغة مشاريع قوانين".

وتابع أن "مشروع القانون الذي أعددناه وسيناقش الأسبوع المقبل في مجلس الوزراء، يتعلق بـ"معالجة أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها"، ويشكل أرضية للانطلاق منها لمعالجة الملف المالي".

وأعرب ميقاتي عن أسفه أن سياسة الحفاظ على النقد على مدى سنوات كلفت الخزينة عشرات مليارات الدولارات. والمسؤولية، برأيه، عما حصل لا يتحملها المودع، "لكننا أمام واقع علينا التعاطي معه لإيجاد حل ضمن المنطق".

ومن وجهة نظره، "أهم ما نحن في صدد درسه يتعلق بإدارة موجودات الدولة غير المنتجة وأصول الدولة. وسنناقش الملف على طاولة مجلس الوزراء ونرسله إلى المجلس النيابي، حيث سيخضع للنقاش في اللجان وبالتشاور مع الحكومة ومصرف لبنان قبل صدور القانون الكفيل بإيجاد حل منطقي ومقبول لهذه المعضلة".

ودعا من يملك اقتراحاً أفضل "ليتفضل بطرحه، وأتمنى أن يعجل المجلس في بت هذا الملف وأن يكون بته بالطريقة الفضلى لتحقيق الغاية المرجوة. والأسبوع المقبل، سنعقد جلسة لمجلس الوزراء وقد بدأت تردنا الملاحظات على المشروع وسنناقشها خلال الجلسة".

وعن ملاحظات "صندوق النقد الدولي" على المشروع، قال ميقاتي إن "الصندوق لا يقبل بإدارة أصول الدولة المنتجة، بل يؤيد إدارة أصول الدولة غير المنتجة لتصبح منتجة، بما يغذي صندوق استرداد الودائع، وأعتقد أن صندوق النقد ينظر إلى الأفكار المطروحة بعين إيجابية".

ملف الرواتب والأجور في لبنان

ولفت إلى أن "التحدي الآخر الماثل أمامنا يتمثل بمعالجة ملف الرواتب والأجور وزيادة الإنتاجية للعاملين والمتقاعدين في القطاع العام".

وأشار إلى أنه في عام 2019، كانت الموازنة العامة تبلغ 17 مليار دولار ثلثها رواتب وأجور للقطاع العام، أما هذا العام فتبلغ الموازنة 3 مليارات و200 مليون دولار ثلثها رواتب وأجور".

وأوضح أن "الموظفين والمتقاعدين حتماً مطالبهم محقة، لكن الواقع أمامنا يقتضي البحث الدقيق، لأن 50% من المتقاعدين تبلغ أعمارهم أقل من 60 عاماً، وهذه قنبلة موقوتة للمستقبل".

إعادة هيكلة القطاع العام في لبنان

وعن إعادة هيكلة القطاع العام في لبنان، قال ميقاتي إن "من أصل 28 ألف وظيفة عامة تنص عليها هيكلية الدولة، هناك 7400 فقط حالياً، وكل شهر يغادر منهم ألف شخص من المدنيين والعسكريين".

وبيّن أن "القطاع العام هو الأقل عدداً، والحوار المطلوب يتعلق بالأعداد الكبيرة للعسكريين والأمنيين".

نفقات الموازنة العامة في لبنان

ورداً على سؤال آخر، قال ميقاتي: "نحن حالياً في صدد معالجة الخلل وإيجاد حل بين مختلف القطاعات من دون التسبب بأي ارتفاع في أرقام الموازنة".

وأوضح أن "مصرف لبنان حدد سابقاً سقفاً للإنفاق هو 5800 مليار ليرة لبنانية للرواتب، مع إمكان رفعه كحد أقصى حالياً إلى 8500 مليار ليرة شهرياً في ضوء تحسّن الإيرادات"، معتبراً أنه "ضمن هذا الرقم نحن نعمل ونحاول توزيع الإضافات. حالياً، تُجرى اجتماعات في وزارة الدفاع للجيش والقوى الأمنية والعسكريين المتقاعدين، وسيعاودون الاجتماع الخميس القادم، سعياً للوصول إلى حل".

المساهمون