ألمانيا تغلق آخر محطاتها النووية: انقسام في ظل أزمة الطاقة

ألمانيا تغلق آخر محطاتها النووية: انقسام في ظل أزمة الطاقة

15 ابريل 2023
واحدة من المحطات الأخيرة في ألمانيا (Getty)
+ الخط -

بدأ العد العكسي مع إغلاق آخر ثلاثة مفاعلات نووية في ألمانيا السبت، مما يضع حداً لحقبة الطاقة الذرية المثيرة للجدل في أول اقتصاد أوروبي. وحتى منتصف ليل السبت - الأحد على أبعد حد، سيتم فصل محطات توليد الكهرباء "إيسار 2" (جنوب شرق) ونيكارفيستهايم (جنوب غرب) وإيمسلاند (شمال غرب) عن شبكة الكهرباء.

وقال غويدو نوت، رئيس مجلس إدارة شركة "بروسن-الكترا" المشغلة لمحطة "إيسار 2"، قبل ساعات قليلة من الموعد النهائي، إن "وقف تشغيل المفاعل للمرة الأخيرة سيكون مؤثراً جداً بالنسبة للزملاء".

بالنسبة إلى النائب يورغن تريتن، يشكل ذلك على العكس خروجاً "جاء متأخراً جداً وليس مبكراً جداً"، في حين وصفته الحركة الألمانية المناهضة للنووي، وهي واحدة من الأكثر نفوذاً في أوروبا، بأنه "موعد تاريخي".

وقال خلال تجمع حاشد السبت أمام بوابة براندنبورغ في برلين "نضع حداً لتكنولوجيا خطيرة غير مستدامة ومكلفة".

وشارك بضع مئات من الأشخاص في مراسم وداع للذرة في ميونخ، كما في مدن أخرى في ألمانيا.

ويفتح أكبر اقتصاد في أوروبا فصلاً جديداً في مجال الطاقة، بعدما واجه تحدي وقف الاعتماد على الوقود الأحفوري وفي الوقت نفسه إدارة أزمة الغاز الناجمة عن الحرب في أوكرانيا وسط أزمة مناخية.

وكانت الحكومة الألمانية مددت عمل هذه المحطات لبضعة أسابيع بعد موعد توقفها الذي كان محدداً في 31 كانون الأول/ ديسمبر، لكن من دون العودة عن قرار طي صفحة الطاقة النووية.

عملية طويلة

وبعد قرار أول اتخذته برلين مطلع الألفية بالتخلي تدريجياً عن النووي، سرّعت المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل العملية بعد كارثة فوكوشيما في 2011، في تغيير سياسي لافت. ومنذ 2003 أغلقت ألمانيا 16 مفاعلاً نووياً.

وكاد الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير 2022 يعيد النظر بالقرار. فمع حرمانها من إمدادات الغاز الروسي التي قطعت موسكو الجزء الأكبر منها، وجدت ألمانيا نفسها في مواجهة أحلك سيناريوهات، من احتمال توقف مصانعها إلى غياب التدفئة.

لكن الشتاء مر بلا نقص، إذ حل موردون آخرون للغاز محل روسيا، لكن الإجماع على التخلي عن الطاقة النووية ضعف. ففي استطلاع أخير للرأي أجرته قناة "آي ار دي" قال 59 بالمائة من المشاركين فيه إن التخلي عن النووي في هذه الأوضاع ليس فكرة جيدة.

وقال رئيس غرف التجارة الألمانية بيتر أدريان لصحيفة "راينيشه بوست" اليومية إنه يجب على ألمانيا "توسيع عرض الطاقة وليس تقليصه".

يرى زعيم المعارضة المحافظة فريدريش ميرتس إن التخلي عن النووي هو نتيجة "تحيز شبه متعصب". وكتب على تويتر "(...) الأسطورة التأسيسية للخضر تنتصر بشكل مطلق".

أمنت المحطات الثلاث الأخيرة 6 بالمائة فقط من الطاقة المنتجة في البلاد العام الماضي بينما كانت الطاقة النووية تؤمن 30,8 بالمائة في 1997.

في الوقت نفسه، بلغت حصة "مزيج" مصادر الطاقة المتجددة من الإنتاج 46 بالمائة في 2022 في مقابل أقل من 25 بالمائة قبل عشر سنوات.

وقال سايمن مولر مدير مركز الدراسات "آغورا إنرغيفيندي" المتخصص بالانتقال في مجال الطاقة لوكالة فرانس برس "بعد 20 عاماً على بدء عملية انتقال في الطاقة، تنتج الطاقات المتجددة الآن كمية من الكهرباء أكبر بمرة ونصف المرة مما كان ينتجه النووي في ذروته في ألمانيا".

غموض

لكن في ألمانيا، أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الاتحاد الأوروبي، ما زال الفحم يمثل ثلث إنتاج الكهرباء وسجل زيادة بنسبة ثمانية بالمئة العام الماضي للتعويض عن غياب الغاز الروسي.

وصدرت الانتقادات نفسها عن وزارة الانتقال في مجال الطاقة الفرنسية مؤكدة أن "إنعاش الطاقة الأحفورية لتعويض التخلي عن الطاقة النووية لا يسير في اتجاه العمل المناخي".

وتبقى فرنسا التي تمتلك 56 مفاعلاً الأكثر اعتماداً على النووي مقارنة بعدد السكان. وعلى المستوى الأوروبي، تثير المسألة النووية خلافات حادة بين باريس وبرلين.

وتفضل ألمانيا التركيز على هدفها المتمثل في تأمين ثمانين بالمائة من احتياجاتها من الكهرباء باستخدام مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030، مع إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بحلول 2038 على أبعد حد.

لكن الغموض يكمن في هذه النقطة. وكتبت صحيفة "سود دويتشه تسايتونغ" اليومية السبت "أين وكيف يجب إنتاج الطاقة المتجددة؟ الجميع في هذا البلد يتفقون على الأقل على شيء واحد: ليس في منطقتي".

(فرانس برس)

المساهمون