أزمة حادة لقطاع بناء السفن في ألمانيا

أزمة حادة لقطاع بناء السفن في ألمانيا

10 مايو 2021
شركات بناء السفن تأمل في حلول عاجلة للأزمة
+ الخط -

ضربت أزمة كورونا قطاع صناعة السفن في ألمانيا، بعد أن كان القطاع شهد فترة من الانتعاش بفضل عمليات تصنيع وبناء السفن السياحية، حتى إن أسواق القطاع باتت تتعرض الآن لمنافسة غير متكافئة من الصين، والتي يتعين عليها محاربتها خلال الأعوام المقبلة.

وذكرت شبكة "إيه آر دي" الألمانية الإخبارية أن العواقب على القطاع دراماتيكية، مع تقلص الطلبات الواردة من أحواض بناء السفن الألمانية، ما يمثل انخفاضاً بنحو 80% مقارنة بالسنوات التي سبقت تفشي وباء كوفيد 19.

ووفق جمعية بناء السفن والتكنولوجيا البحرية، فإن واقع القطاع لا يقتصر على انهيار الطلب بسبب كورونا، إنما الصناعة المحلية باتت مهددة أيضاً بالمنافسة من الصين ودول آسيوية أخرى، مثل كوريا واليابان، وتبرز الجمعية أن الشركات متوسطة الحجم في ألمانيا لا يمكنها مواجهة الإجراء الاستراتيجي للصين.
وفي السياق، حذر رئيس الجمعية هارلد فاسمر، عند تقديم التقرير السنوي، من أنه وفي ظل الظروف الحالية، هناك خطر بفقدان مهارات مهمة في قطاع بناء السفن. وأشار إلى أن المشاكل معروفة منذ فترة طويلة، لكن أوروبا لم تفعل شيئاً حيالها في السنوات الأخيرة، مع العلم أنه وعلى الرغم من أن القارة لديها أكبر سوق بحري في العالم، فإن 95% من طلبات مالكي السفن ذهبت إلى أحواض بناء خارج الاتحاد الأوروبي، والصينيون يستهدفون امتلاك أكثر من 50% من أسطول العالم البحري، وفق صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ".
وفي خضم ذلك، تطلب الجمعية إعادة هيكلة أساسية لشروط إطار عمل بناء السفن الأوروبية من الحكومة الاتحادية في برلين والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الإعانات الحكومية. وفي الإطار، ذكرت وكالة الأنباء الألمانية عن المدير العام للجمعية راينهارد لوكن: "نحن لا نتحدث عن الحمائية، إنما نتحدث عن خلق المنافسة، وهو ما نفتقده في الوقت الحالي". ووفق الجمعية، فإن الصينيين هم الوحيدون المستفيدون من الطلبات المتزايدة في أزمة كورونا، رغم أن حجم الطلب العالمي تقلص بنسبة 12% عام 2020، وفي أوروبا وصل إلى 64%، بينما زاد في الصين بنسبة 15%.

وفي السياق نفسه، قال رئيس شركة بابنبورغ ماير، فيرفت برنارد ماير، إن الأمر يتعلق بأكثر من سد نقص الطلب نتيجة لأزمة كورونا. وأبرز أن صناعة بناء السفن الأوروبية تفقد حصصها في السوق منذ عقود بسبب الإعانات الهائلة وتشوهات السوق، وخاصة بالنسبة للمنافسين الصينيين، والسؤال المطروح حالياً ما إذا كانت صناعة بناء السفن في ألمانيا وأوروبا ستظل موجودة على نطاق واسع خلال السنوات العشر المقبلة. وفي سياق متصل، أشارت "إيه آر دي" إلى أن هذه الصناعة توفر حوالي 200 ألف وظيفة، وبالإضافة إلى بناء السفن الجديدة، تعد الصيانة والإصلاحات وإعادة التشكيل جزءاً من هذه الأعمال، وحجم مبيعاتها السنوية في ألمانيا تقدر بحوالي 50 مليار يورو.
وتعتبر أحواض بناء السفن في ألمانيا متقدمة تقنياً وتكنولوجياً، ولكنها منتج باهظ الثمن، ونجحت ألمانيا على مدى عقود من الزمن في تطوير وتحديث بناء اليخوت الفاخرة والسفن البحرية، قبل أن يهزها وباء كورونا، وأصبحت العديد من الوظائف في حال الخطر بسبب عمليات الإغلاق العالمية، وبعد أن تكبدت خطوط الرحلات السياحية البحرية خسائر بالمليارات خلال العام الماضي، عانت الشركات من تراجع طلبات بناء سفن جديدة. وذلك وفقاً للتقرير السنوي الذي نشرته أخيراً جمعية بناء السفن والتكنولوجيا البحرية، وقالت فيه إنه ليس من المتوقع أن تكون هناك طلبيات جديدة قبل عام 2024.

وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة، التي يشهدها هذا القطاع الحيوي في ألمانيا ومستقبله، ستجرى مناقشتها خلال المؤتمر البحري الوطني الذي سيعقد في 10 و11 مايو/ أيار الحالي في مدينة روستوك، وحيث من المتوقع أن تكون هناك مشاركة للمستشارة أنجيلا ميركل، وترغب شركات بناء السفن في الحصول على إشارة واضحة من المؤتمرين، للشروع في تدابير ملموسة لحماية الوظائف ومواقع العمل. وكانت وزارة الاقتصاد الألمانية قد أوضحت أخيراً أن حالة الاقتصاد البحري تعاني حالياً من المنافسة القادمة من آسيا. واضطرت الحكومة خلال يونيو/ حزيران 2020 إلى تنفيذ برنامج تحفيز اقتصادي، للتخفيف من عواقب كورونا على الصناعة البحرية، وقدمت مليار يورو لقطاع بناء السفن والشحن في ألمانيا.