آسيا الوسطى متوجسة من مستقبل استقرار روسيا

آسيا الوسطى متوجسة من مستقبل استقرار روسيا

28 يونيو 2023
النفوذ الروسي بدأ يتراجع في آسيا الوسطى (Getty)
+ الخط -

لا يزال العالم يراقب بحذر تداعيات تمرد قائد فاغنر، يفغيني بريغوجين، على مستقبل الاستقرار في روسيا والحرب الأوكرانية وعلاقاتها مع الصين ونفوذ موسكو في آسيا الوسطى وأسواق الطاقة والسلع الأولية.

ورغم أن التمرد انتهى، لكن المخاوف حول احتمالات اندلاع حرب أهلية في دولة نووية كبرى ومؤثرة على أسواق الطاقة الحبوب والمعادن مثل روسيا لم تنتهِ.

وقالت كاثلين بروكس، المديرة في شركة مينيرفا أناليسيس الروسية، في تعليقات لصحيفة "موسكو تايمز"، "حقيقة أن الأمر قد انتهى تقريباً قبل أن يبدأ، لو استمر التمرد لكان هناك بعض التهديد بحرب أهلية في روسيا، وأعتقد أنها كانت ستسبب فوضى مطلقة في الأسواق المالية".

على صعيد النفوذ الروسي على اقتصادات آسيا الوسطى، من المتوقع أن يدفع تمرد "فاغنر" دول آسيا الوسطى للتقارب أكثر مع الغرب، وربما السعي لفك ارتباطها تدريجياً مع روسيا.

وتوظف موسكو الموارد الغنية بدول آسيا الوسطى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لصالح نفوذها الاقتصادي في العالم، حيث تفقر مواطنيها وتستخدمهم عمالة رخيصة في مناجم الفحم والمعادن وحقول النفط في سيبيريا.

ولاحظ مراقبون أن الرئيس فلاديمير بوتين سعى يوم السبت الماضي، إلى طمأنة القيادات السياسية في آسيا الوسطى أن الحياة تسير بشكل طبيعي في البلاد، حيث أجرى اتصالات هاتفية مع رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف الذي قال إنه يرى أن تمرد فاغنر "شأن داخلي لروسيا"، حسب نشرة " أويل برايس".

وعانت كازاخستان من اضطرابات سياسية حادة في أوائل عام 2022 بسبب رفع أسعار الوقود رغم أنّ البلاد غنية بالنفط. 

واستند توكاييف في إخماد الاحتجاجات إلى بند دفاع متبادل مع روسيا يطالب أعضاء كتلة الدفاع التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة موسكو بتقديم المساعدة العسكرية، مدعياً في ذلك الوقت أن الاضطراب حرض عليه مسلحون متمركزون في الخارج.

وفضلاً عن النفط الذي تحتكره الشركات الروسية وتسيطر على منافذ تصديره، تعد كازاخستان موطناً لما يقرب نصف إمدادات اليورانيوم العالمية وتحتل المرتبة الأولى في إنتاج اليورانيوم العالمي.

وتعد شركة "كازاتوم بروم" المملوكة للدولة أكبر منتج لليورانيوم في العالم. وتأتي في المرتبة الثانية من حيث الاحتياطات.

وحسب بيانات معاهد الطاقة النووية تعد كل من كازاخستان وناميبيا وكندا وأستراليا وأوزبكستان الدول الكبرى المسيطرة على اليورانيوم في العالم.

وتستغل شركة روسا توم الروسية اليورانيوم في كازاخستان في هيمنتها على توليد الطاقة النووية ومبيعات الوقود النووي للعديد من الدول الغربية. كما تستفيد الشركات الروسية كذلك من مناجم الذهب في أوزبكستان.

وحسب بيان الكرملين تحدث بوتين أيضاً مع رئيس أوزبكستان شوكت ميرزيوييف. وحسب "أويل برايس" امتنع المسؤولون في جميع أنحاء آسيا الوسطى عن التعليق علناً على الأحداث في روسيا.

على صعيد ردة فعل الأسواق في آسيا الوسطى، انخفض سعر التنغي الكازاخستاني مقابل الدولار في مكاتب الصرافة في العاصمة ألماتي من نحو 451 إلى حوالي 457 عشية التمرد.

وقال رئيس التحرير السابق لمحطة الإذاعة الروسية "إيخو موسكوفي" أليكسي فينيديكتوف، لصحيفة "موسكو تايمز"، إنّ تمرد فاغنر سيرفع من حدة التنافس بين روسيا والصين وتركيا على النفوذ في آسيا الوسطى، لكن هذه الدول تواجه أزمات في الوقت الراهن، حيث تعاني الصين من مشكلات اقتصادية، وتركيا تبني نفسها كقوة إقليمية، وروسيا غارقة في أزمة أوكرانيا.

ووفق محللين، فإنّ النفوذ الروسي بدأ يتراجع في آسيا الوسطى، وهي المنطقة التي مارست فيها نفوذاً تاريخياً كبيراً منذ الحرب العالمية الثانية. والتزمت دول آسيا الوسطى إلى حد كبير بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب هجومها على أوكرانيا.

وقال الخبير في آسيا الوسطى في أكاديمية العلوم الروسية ستانيسلاف بريتشين إنّ دول آسيا الوسطى "باتت تبتعد عن روسيا"، وأضاف أنهم أوقفوا التهرب من العقوبات الغربية على روسيا.

تبدو دول آسيا الوسطى الأكثر قلقاً من تطورات مستقبل تطورات الاستقرار السياسي في روسيا. وما يقلق دول آسيا الوسطى التي تعد "الحديقة الخلفية" لموسكو أنه لا تلوح في الأفق حتى الآن نهاية للحرب الروسية، وأن جميع سيناريوهات نهاية الحرب الروسية في أوكرانيا قد تعمل ضدها ما لم تتم تماماً هزيمة الجيش الروسي هزيمة ساحقة، وهو ما يبدو مستحيلاً حتى الآن، إذ إنّ روسيا دولة نووية وقوية عسكرياً.

ووفق خبراء غربيين، فإن هنالك ثلاثة عوامل اقتصادية سالبة ترتبت على اقتصادات دول آسيا الوسطى من الغزو الروسي لأوكرانيا وما تلاه من عقوبات غربية. وهذه العوامل هي اضطراب سعر صرف عملاتها المرتبطة بالاقتصاد الروسي، وتأثير ذلك على ارتفاع فاتورة الواردات، وبالتالي ارتفاع معدل التضخم وغلاء المعيشة.

وتعتمد العديد من الأسر في آسيا الوسطى على تحويلات أبنائها المهاجرين إلى روسيا.

المساهمون