لوح حلم جلجامش.. رحلة من السرقات والمزادات المشبوهة

لوح حلم جلجامش.. رحلة من السرقات والمزادات المشبوهة

22 مايو 2020
لوح حلم جلجامش
+ الخط -

رفع المدعي الفيدرالي في الولايات المتحدة، دعوى بهدف إعادة لوح طين عمره 3500 عام تقريبًا تم شراؤه من قبل سلسلة متاجر الفنون والحرف اليدوية المعروفة بـ "هوبي لوبي"، لعرضها في "متحف الكتاب المقدس" في واشنطن العاصمة، وتعتبر اللوحة المسمارية "ممتلكات عراقية مسروقة" كما ورد في شكوى رُفعت الإثنين الماضي.

تفاصيل هذه الشكوى ليست إلا جزءً من رحلة هذه القطعة التي تنتمي إلى واحدة من أقدم الحكايات في تاريخ الإنسانية، ملحمة جلجامش، وقد أخذت من بلادها الأم إلى موقعها الحالي في مستودع تابع لوزارة الأمن الداخلي في كوينز بنيويورك.

"هوبي لوبي" كانت قد اشترت لوح جلجامش هذا بـ 1.6 مليون دولار تقريباً في عام 2014. وكان بيتر سي. فيتزهو الوكيل الخاص المسؤول عن تحقيقات الأمن الداخلي في نيويورك قد أعلن في بيان "نُهب هذا اللوح النادر من العراق وبيع بعد ذلك بسنوات في دار مزادات رئيسية من مصدر مشكوك فيه وغير مدعوم".

وذكر البيان أن دار مزادات دولية كبرى لم يذكر اسمها في الشكوى، حجبت مصدر اللوح المعروف باسم "لوح حلم جلجامش"، وقد استعاد الوكلاء من إدارة تحقيقات الأمن الداخلي التابعة لهجرة الهجرة والجمارك الأمريكية اللوح العام الماضي من متحف الكتاب المقدس، ولغاية الآن لم يتم إرجاعه إلى العراق.

وقال ممثلو الادعاء إن اللوح يعتبر ملكاً للحكومة العراقية ويجب إعادته، وأن غياب المصدر الموثوق له يقوض مصداقية الحصول عليه وشرعيته وقانونيته.

يروي اللوح الذي حصلت عليه "هوبي لوبي"، الحلم الذي يراه جلجامش ويرويه لوالدته التي تفسره وتتوقع وصول صديق يصبح رفيقاً لجلجامش، ووفقًا للشكوى، ظهر اللوح عام 2001 عندما قام تاجر آثار أميركي غير مسمى بفحصه، ثم وضعه مع قطع أخرى على أرضية شقة لندن لتاجر آثار أردني معروف باقتناءه المباشر من منطقة الشرق الأوسط.

بعد ذلك بعامين، عاد تاجر الولايات المتحدة مع خبير مسماري، الذي قرر أنه على الرغم من صعوبة قراءة اللوح لكن من الواضح أنه قطعة نادرة وقيمة من الأدب القديم". والمفارقة أن التاجر الأميركي اشترى عدة قطع، بما في ذلك لوح جلجامش مقابل 50350 دولارًا فقط.

عادت القطعة إلى الظهور في عام 2007، عندما تم بيعها إلى مشترين آخرين، أحدهما أدرجها في كتالوج المبيعات مدعياً ​​أنها لوح كان مع مالك أميركي واحد طوال الـ 25 سنة الماضية، وكان السعر المطلوب في الكتالوج 450،000 دولار وجاء مع شهادة منشأ زائفة، تدعي أنه تم الحصول عليه في مزاد عام 1981 في سان فرانسيسكو في صندوق من قطع برونزية، وفقًا لشكوى المدعي الفيدرالي في الولايات المتحدة.

في عام 2013 اتصل مالك اللوح الجديد بمكتب في لندن يعود لإحدى دور المزاد الدولية، راغبًا في بيعه، لكن قيل له إن مصدر القطعة لن يقاوم التدقيق ولن يكون مناسبًا للمزاد العلني.

في العام التالي، ورغم كل هذه الشبهات في مصدر اللوح "اشترته هوبي لوبي في عملية بيع خاصة وليس في مزاد، وحملته من لندن إلى مقرها في أوكلاهوما سيتي، لكي تتمكن من تجنب تكبد ضريبة مبيعات في نيويورك" ، وفقًا للمدعي العام.

في عام 2017، جرى تغريم "هوبي لوبي" مبلغ 3 ملايين دولار لفشلها في بذل العناية الواجبة بعد أن قالت السلطات الفيدرالية إنها اشترت الآلاف من القطع الأثرية التي تم تهريبها خارج العراق، وأن معظم القطع التي عرضت في السنوات الأخيرة في متحف الكتاب المقدس مشكوك في مصدرها.

المتحف - ضمن محاولة لأن يظهر حسن النية - أعلن في بيان نشر في مارس / آذار الماضي، إن "هوبي لوبي" حددت 5000 قطعة أخرى من ورق البردي و6500 قطعة من الطين ذات مصدر غير كافٍ سيتم إعادتها إلى مصر والعراق.

في تسوية عام 2017 مع السلطات الفيدرالية، اتصل متحف الكتاب المقدس بدار المزاد اللندنية بحجة التحقق من المعلومات حول أصول قرص جلجامش، ويزعم أن دار المزاد حجبت المعلومات.

من جهتها قالت وزارة الآثار العراقية في تصريح لوسائل إعلام أميركية إنها تحاول تحديد ما إذا كان لوح حلم جلجامش هو واحد من بين آلاف القطع المسروقة من أحد متاحفها الإقليمية بعد احتلال العراق، حيث جرى نهب ما لا يقل عن تسعة من المتاحف الإقليمية الـ 13 في البلاد.

يذكر أن ملحمة جلجامش هي قصيدة سومرية يعتقد أنها كتبت قبل 4000 عام على الأقل. وتعكس أجزاء منه تفاصيل الطوفان العظيم وحكاية حديقة عدن من العهد القديم. تم العثور على نسخة من القصيدة مكونة من 12 لوحاً مكتوبة باللغة الأكادية في نينوى.

المساهمون