إل غريكو.. أثر "اليوناني" من النهضة حتى الحداثة

إل غريكو.. أثر "اليوناني" من النهضة حتى الحداثة

17 يناير 2020
(مقطع من لوحة "مشهد من طليطلة")
+ الخط -

يُعد الفنان اليوناني إل غريكو أحد أشهر فناني عصره، وما زال كذلك حتى يومنا هذا، بعد مرور أكثر من 500 عام على وفاته، ويفسر مؤرخو الفن ذلك بغموض أسلوبه وفرادته التي جعلته رساماً مؤثّراً تبعه فنانون كثر وأُعيد اكتشافه من جديد من قبل الطليعيين الأوروبيين في بدايات القرن العشرين.

"متحف اللوفر" في باريس ينظم حالياً معرضاً استعادياً في قاعة "غراند باليه" لأعمال إل غريكو، ويتواصل حتى العاشر من شباط/ فبراير المقبل. وبحسب بيان المتحف فإنه "أول معرض استعادي رئيسي في فرنسا بهذا الحجم يُكرَّس لهذه العبقرية الفنية".

وُلد دومينيكوس ثيوتوكوبولوس المعروف بإل غريكو (1541 - 1614)، أي "اليوناني"، في جزيرة كريت، والتي كانت آنذاك تابعة للبندقية، المدينة التي التحق بها الفنان وتدرّب على يد فنانيها وطور أسلوبه المكثف والملون ودرس أعمال مايكل أنجلو ورافائيل، قبل أن يسافر إلى روما لدراسة الفن البيزنطي، ولكنه لم يلق شعبية في روما بسبب انتقاده لعمل أنجلو الذي كان موضع تبجيل كبير فيها.

بحلول عام 1577، استقر في طليطلة الإسبانية وظل فيها بقية حياته، حيث قام بتنفيذ معظم اللوحات للكنائس والجهات الدينية، وتُعد جداريته التي صور فيها المسيح وهو يعالج الأعمى من أشهر الأعمال التي وُضعت حولها أطروحات وقراءات كثيرة على مر العصور.

والحقيقة أن إل غريكو لم يلق التقدير الذي كان يستحق إلا في طليطلة، التي رسمها في أعماله، وأشهرها على الإطلاق "منظر من طليطلة"، وفيها أيضاً جرى تكليفه برسم قطع المذبح لكاتدرائية المدينة، لكنه اختلف مع الكنيسة حول ما تلقّاه وما كان يتوقعه من أجر عن العمل، فكانت هذه القطعة آخر تعامل له مع أي كنيسة، ورسم بقية حياته لأفراد عاديين وبعض المؤسسات غير الدينية في المدينة.

وعلى الرغم من أن المواضيع الدينية سيطرت على أعماله، لكن تاريخه لا يخلو من رسم البورتريه الذاتي والبورتريه لشخصيات مؤثرة وأرستقراطية في طليطلة، وأشهر أعماله في هذا السياق "دفن الكونت أورغاز".

في وقت متأخر من حياته، رفض الشكل كوسيلة لفنه، وتبنى أسلوب "النهجية" أو"مانييريزمو"، معلناً أنه يرسم "لأن الأرواح تهمس بجنون داخل رأسي". بذلك كان إلى غريكو الفنان الغربي الوحيد في زمانه الذي حرّك عقلية عالم الفن، ورفض التصورات حول ما ينبغي أن يكون عليه، وهو شيء لم يكن أي فنان آخر خلال وقته على استعداد للقيام به.

استعاد الفنانون الطليعيون في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات العشرين تجربة إل غريكو، وأثّرت أعماله في الرسامين الواقعيين والانطباعيين والتكعيبيين والتجريديين بمن في ذلك بابلو بيكاسو وفان غوغ وسيزان وجاكسون بولوك.

المساهمون