خوان سانتوس.. من يتذكر "جُحا" الإسباني؟

خوان سانتوس.. من يتذكر "جُحا" الإسباني؟

20 أكتوبر 2018
من إحدى رسومات سانتوس
+ الخط -

في أيار/ مايو عام 1908، تأسّست "مدرسة الفنون الجميلة" في القاهرة على يد الرحالة والجغرافي يوسف كمال، أحد أحفاد محمد علي باشا، الذي تبّرع حينها بقصره وتبنّى بنفسه استدعاء عدد من الفنانين والأكاديميين للتدريس فيها، وكان من بين هولاء خوان سانتوس.

لا يتوقف الباحثون كثيراً عند دور هذا الفنان الإسباني (1881 - 1945) في إنشاء قسم الحفر في أكاديمية خرّجت روّاد الفن المصري أمثال محمود مختار وراغب عيّاد ويوسف كامل، إذ ارتبط اسمه مع نهوض الصحافة المصرية في عشرينيات القرن الماضي؛ الفترة التي شهدت صدور العديد من الصحف والمجلات التي تميّزت بالنقد السياسي والاجتماعي.

ساهم سانتوس في تأسيس مجلة "الكشكول" عام 1921، والتي تعتبر من أبرز المطبوعات المتخصّصة آنذاك بالكتابة الساخرة، فاكتسب شهرة واسعة نظراً لرواج المجلة التي اتخذت موقفاً معارضاً لسياسات حزب الوفد، وشكّلت رسومات سانتوس على غلافها أحد عوامل انتشارها.

حتى الأول من الشهر المقبل، يتواصل في "خان المغربي" في القاهرة، معرض استعادي للفنان الإسباني الراحل يتضمّن ثلاثين عملاً مختاراً من رسوماته في مختلف الإصدارات الصحافية والعربية على مدار أكثر من عشرين عاماً.

يشير أحمد عبد النعيم في كتابه "الكشكول.. حكايات من دفتر أحوال مصر" (2016) إلى تفوّق سانتوس على معظم منافسيه بفضل تخصّصه في رسم البورتريه، منوّهاً إلى أنه لم يكن يضع فكرته بنفسه بل ينفذ ما يمليه عليه صاحب المطبوعة، وليس غريباً "أن تجد سانتوس يرسم غلافاً يهاجم سعد باشا على صفحات مجلة الكشكول، وفي نفس الأسبوع يرسم غلافاً يمجد سعد باشا على غلاف مجلة روز اليوسف"، كما يذكر عبد النعيم.

ترك الفنان الذي كان يناديه زملاؤه بـ"سِنتيس" مجلة "الكشكول" عام 1929 إثر خلاف مع صاحبها سليمان فوزي، ليعمل في دوريات أخرى، ويبدو لافتاً أنه أسّس مجلة "جحا" سنة 1931 الناطقة باللغتين الفرنسية والعربية وتولى رئاسة تحريرها، والتي مثّلت لسان حزب الوفد صاحب الأغلبية الشعبية، وكانت تهدف إلى نقل وجهة نظر الحزب إلى الأجانب.

يضمّ المعرض رسوماً متعدّدة نُشر بعضها في مجلة "الفكاهة" التي كانت تصدرها "دار الهلال"، وكذلك بورتريهاته لمعظم الشخصيات السياسية المصرية في النصف الأول من القرن الماضي المنشور في مجلات "مجلتي"، و"الإثنين"، و"كل الدنيا"، و"إيماج".

في التمثال الذي نحته محمود مختار لأستاذه سانتوس، تظهر ملامح وجهه صامتة محايدة بملابس أنيقة وربطة عنقه المتميزة، تحاكي أسلوبه في الرسم الذي لم يكن يميل إلى المبالغة والتضخيم إنما إلى نقل صورة قريبة من الواقع بما يحتويه من مفارقات تدلّ على أزماته السياسية والاجتماعية.

لُقّب سانتوس بـ "أبو الكاريكاتير المصري"، ورغم صلاته الحسنة مع معظم الأوساط الثقافية في القاهرة إلا أنه كان معتزلاً معظم المناسبات الاجتماعية، ما انعكس ذلك في كتابات الباحثين عنه أو شهادات معاصريه التي تلفت إلى "تقديره واحترامه للجميع"، ولا تذكر عنه موقفاً إيجابياً أو سلبياً تجاه شخصية بعينها.

دلالات

المساهمون