محمود صادق.. ظلال الصحراء ونورها

محمود صادق.. ظلال الصحراء ونورها

13 سبتمبر 2017
(من المعرض)
+ الخط -

عبر تجربة قاربت خمسين عاماً، راوحت لوحات الفنان التشكيلي الأردني الفلسطيني محمود صادق (1945) بين مسارين لا ينفصلان؛ ذاكرته الممتدّة وتعبيراتها المتدفّقة على الدوام في سرد بصري لا ينتهي، وتمثّله تراث المنطقة في رموزها الآتية الحضارات؛ الفرعونية والعراقية القديمة والعربية الإسلامية.

في معرضه "مدارات الروح" الذي يُفتتح عند السادسة من مساء اليوم في "غاليري الأورفلي" في عمّان، ويستمر حتى 27 من الشهر الجاري، يقدّم صاحب كتاب "الفن حلم حياة" (2013)، تجربة جديدة في الاشتغال على الصحراء في منطقة وادي رم (300 كلم جنوب العاصمة الأردنية).

يميل صادق في أعماله المعروضة إلى إبراز العلاقات بين الفراغ والكتلة، بلوحات تحتشد بالتفاصيل المتشكّلة في تكوين يرتكز على الاختزال متماهياً مع مرجعياتها في الواقع، حيث يتراجع حضور اللون، لتظهر مساحات متداخلة من الظلال والنور وما بينهما.

بحثه المتواصل في الهوية وتجدّدها داخل المكان، يحيل على تناول جميع الأمكنة التي يدرسها ويتناولها في لوحاته، عبر رصد مكوّناته وحركتها، لكنه لا يغيّب العنصر الإنساني الذي، وإن توارى، يبقى أثره مثل نقش أو علامة تمتلك رمزيتها ودلالاتها المتعددة.

كما في معارضه السابقة، تعبّر لوحة صادق عن تخطيط مسبق يرتبط بوعي الناقد والأكاديمي والباحث، الذي قد يتقدّم على مغامرة الفنّان أحياناً، وبذلك لا يخرج التجريد عنده من حسابات تأخذ بالاعتبار الرؤية الكليّة للعمل وما يحتويه من لون وشكل وفراغ.

في فضاء وادي رم - وهي منطقة صحراوية تتلوّن الجبال المحيطة بها بالأصفر والأحمر والبني، كما يتغيّر لون الرمل بفعل تحوّلات الضوء بين الليل والنهار، وربما أتاحت لعبة اللون هذه مع ما يختزنه صادق من ذاكرة لونية تتصل بالفنون الإسلامية - إمكانيات توليد اقتراحات وتبادل استعارات بين المرجعيتين اللونيتين؛ الواقع والذاكرة.

يُذكر أن محمود صادق ولد في مدينة المجدل في فلسطين المحتلّة، وحاز درجة الدكتوراه في فلسفة الفن من "جامعة فلوريدا" في الولايات المتحدة، وأقام عشرات المعارض بين الأردن والعراق ولبنان وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا، ونيوزلاندا، إلى جانب العديد من الأبحاث والمؤلّفات المنشورة؛ من بينها: "الفنان التشكيلي في الأردن" (1995)، و"محاضرة عن ذاكرة المكان" (2009).

دلالات

المساهمون