ما بعد إيبولا: غينيا عاصمة عالمية للكتاب

ما بعد إيبولا: غينيا عاصمة عالمية للكتاب

24 ابريل 2017
("لا شيء يُينى بلا كتاب"، غرافيتي في كوناكري)
+ الخط -
نقلت وكالة الأنباء الفرنسية أمس، كيف أن أكوام النفايات وعشرات السيارات الخربة والمحطّمة التي هجرها أصحابها جرت إزالتها بين عشية وضحاها من شوارع كوناكري في غينيا غرب أفريقيا، أما الأحياء الأساسية؛ فقد طُلب من الباعة المتجوّلين الرحيل منها ومن الأكشاك أن تغلق، وقد قيل للفضوليين الذين تساءلوا عن سرّ حملة التنظيفات هذه، إن السبب زيارة مجموعة من الـ VIP للبلد، وهؤلاء سيكونون جزءاً من الاحتفال بالمدينة عاصمة عالمية للكتاب لـ 2017.

هكذا بقدرة قادر، نُظّفت المدينة، وبإمضاء من "يونسكو"، ستتحوّل غينيا من موضوع لمرض إيبولا الذي لم تُشف منه إلا العام الماضي، إلى عاصمة دولية للكتاب تنافس مدريد ونيودلهي ومونتريال وتورين وأمستردام وأنتويرب وبيروت وهونغ كونغ على الدور، فهذه هي بعض المدن التي سبقتها في حمل اللقب.

ولكن ما المطلوب من المدينة التي يقع عليها اختيار "يونسكو"؟ يفترض بحاملة اللقب أن تكون قادرة على إظهار النتاج الأدبي لديها للآخر أو لنقل لـ "المفتش العام"، وأن تقدّم كتّابها وأدباءها وأن تستقطب الناشرين العالميين للاستثمار فيها، ويتوقّع في كلّ عام من الجهة التي وقع الاختيار عليها أن تستفيد من هذا اللقب للترويج أيضاً للفنون الأخرى فيها من سينما ومسرح وموسيقى.

ثم ما المتوقّع من المشروع؟ وماذا ينبغي أن ينتظر منه الكاتب والناشر والقارئ؟ بمعنى أكثر وضوحاً ما هي الجدوى الحقيقية من إعلان أي مدينة عاصمة للكتاب، ثم كيف يمكن أن تضيف غينيا إلى هذا المشروع؟ كلّها أسئلة مشروعة وموضع نقاش، أليس كذلك؟

في حالة غينيا، قد يساعدها اللقب في فتح صفحة جديدة مع العالم، فتخرج من صورة حاملة الوباء إلى صورة حاملة الكتاب. فقد كانت مركزاً لإيبولا الذي عجزت البلاد عن ضبطه فانتشر إلى جيرانها سيراليون وليبيريا ونيجيريا ليقضي على حياة أكثر من مئة ألف إنسان.

ليس هذا هو واقع غينيا فقط، بل إنها إحدى أفقر دول العالم، وفوق هذا إنها الدولة الأعلى نسبة في الأميّة بين الراشدين من دول أفريقيا، إذ لا يحظى بالتعليم فيها أكثر من 35% من إجمالي السكّان، بحسب بيانات "يونسكو" نفسها، والتي تقول إن الأمية هذه هي أحد أسباب إعلان غينيا محطّة عالمية للكتاب في 2017.

لا شكّ أن مشروع عاصمة عالمية للكتاب يحمل أهدافاً جميلة، وفي هذه الحالة يمكن القول إن نوايا "منظمة الأمم لممتحدة للتربية والعلم والثقافة" حسنة ولكن هل هي دائماً منطقية؟ وهل ما تحتاجه البلاد التي ما زالت في فترة النقاهة أن تستقبل هكذا تظاهرات، أم أنها لن تأخذ من الإعلان هذا سوى الاسم، هل نفرح لـ غينيا أم نشفق عليها من هذا الدور.

هل تحتاج غينيا حقّاً إلى ناشرين عالميين؟ تقول إحدى معلمات التاريخ في مدينة كوناكري في تصريح صحافي "إذا أردت أن تخبئ شيئاً وألا يعثر عليه أحد في غينيا فخبئه في كتاب، لن يفتح أحد كتاباً".

المساهمون