حراك الريف: ضد التهميش الثقافي أيضاً

حراك الريف: ضد التهميش الثقافي أيضاً

07 ديسمبر 2017
(مظاهرات مدينة الحسيمة، كانون الثاني 2017، تصوير: جلال مرشدي)
+ الخط -

بعد مضي أكثر من عام على اندلاع الاحتجاجات في مدينة الحسيمة شمال المغرب، التي انطلقت إثر مقتل الشاب محسن فكري في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، ثم تحوّلت إلى حراك شعبي يحمل مطالب تتعلّق بتنمية منطقة الريف كلّها، يبدو من نافل القول إن التهميش يطاول واقع الثقافة كذلك.

تشير إحصائيات عدّة إلى أن نسبة الهجرة خارج البلاد بين سكّان المنطقة هي الأعلى مغربياً، ما يزيد الوضع تدهوراً حيث يتركّز المهاجرون في أوساط النخب التي تلقّت تعليماً جيداً لكنهم يساهمون في تطوير وإعمار أوطانٍ غير وطنهم.

لفتت وسائل إعلام محلية ضمن جانب من متابعتها للحراك، إلى أن الحكومة المغربية لا تولي اهتماماً بدعم الأنشطة الثقافية في المنطقة، ولا تدعم مهرجاناتها وفعالياتها الثقافية بنفس القدر والمبالغ التي تنالها مناطق مغربية أخرى.

تراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، أدّى إلى ارتباط الحركة الثقافية بالحركات السياسية التي نزلت إلى الشارع مرات عديدة موزّعة منذ مرحلة ما بعد الاستقلال وحتى تسعينيات القرن الماضي، ثم خلال الشهور الماضية.

كان المسرح خلال القرن الماضي هو الأداة الأساسية للتعبير عن الرفض ومعارضة السياسات الحكومية التي قادها مثقفون ينتمون إلى اليسار، ما ترتّب عليه منع معظم الأنشطة المسرحية في تلك الفترة.

إلى جوار المسرح تأسّست عدد من الفرق الموسيقية التي التزمت مضامين أغانيها بنقد الواقع الاجتماعي والسياسي، ومنها "بنعمان"، و"إصفظاون"، و"إيثران"، و"إيني أومازيغ". ثم انطلق حراك ثقافي مرة ثانية في سنوات التسعينيات التي شهدت بعض الإصلاحات الحكومية، وقدّم عدد من المسرحيين أعمالهم، كفؤاد أزروال ونعمان أوراغ والحسين القمري، وارتبط جزء منها بمطالبة تمكين الثقافة الأمازيغية.

تعدّدت مواقف المثقّفين المغاربة حيال حراك الحسيمة الأخير، ورغم اتخاذ كثير منهم مواقف تطالب بالتهدئة بذريعة أن لا يجرّ الاحتجاج إلى نهايات لا تُحمد عقباها، إلّا أن غالبيتهم تقرّ بالظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها الريف، وأخطاء السياسات الرسمية تجاهه منذ الاستقلال عام 1956، والتي تتواصل إلى اليوم. ويعبر عن الموقف الأخير البيان الذي أصدره مثقفون مغاربة الشهر الماضي تحت عنوان "شياطين الحكم تستيقظ من جديد".

الغناء والموسيقى باتا أبرز التعبيرات الثقافية عن الاحتجاجات الحالية، التي يؤدي معظمها مغنّو راب، وتجدر الملاحظة هنا إلى احتجاز عدد من المغنين ضمن حملات الاعتقالات التي طاولت الناشطين، وأضيف بند الإفراج عنهم إلى المطالبات الشعبية، ومن هؤلاء: سليمة الزياني "سيليا"، وأنس الخطابي وبدر أكراف.

تقول كلمات إحدى الأغاني التي انتشرت على يوتيوب مع اندلاع الحراك: "الحقوق تسلبت، الأفواه انسدت، الناس انظلمت، كاينة ولا ما كيناش، المغربي ضحية، مسلوب الهوية، ومواطن غير بالتسمية".

يحضر الراب كشكل مناسب لبثّ الغضب، حيث تذكّر أغنية بتاريخ المنطقة ضد الاستعمار الإسباني بقيادة عبد الكريم الخطابي، وفي أغنية ثانية تستنكر أحكام القضاء ضد المعتقلين: "بيك يا وليدي، شهادة نحطها فوق راسي، فين العدالة والكرامة، فين الأمان".

المساهمون