"جائزة الإبداع" 2017: مفارقات ومناصفات

"جائزة الإبداع" 2017: مفارقات ومناصفات

30 أكتوبر 2017
عالية الفارسي/ عُمان
+ الخط -
أعلنت "الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء" مؤخراً عن "جائزة الإبداع الثقافي" لعام 2017، بفرعيها: "الإنجاز الثقافي" و"أفضل الإصدارات" في مجالات الشعر والرواية والقصة القصيرة والدراسات النقدية والأدبية والدراسات التاريخية ومجال تحقيق المخطوطات، والتي تمّ تناصف معظمها.

يؤخذ على الجائزة أنها مثل معظم الجوائز الثقافية العُمانية والعربية، يتقدّم فيها المبدع بعمله للفوز، ما يصنّفها ضمن المسابقات الثقافية أكثر مما هي حالة تكريمية، إلى جانب تدوير بعض الأسماء التي سبق لها الفوز لتكون ضمن لجان التحكيم والعكس وارد أيضاً.

كما أن بعض معايير لجان التحكيم أقرب إلى أن تكون جاهزة، ويمكن أن تنطبق على معظم التجارب الإبداعية، فمثلاً لم توضح لجنة الشعر خصوصية العملين اللذين رشحتهما للفوز، ناهيك عن توصيفات العمل الفائز بعموميات كتوافر الخيال والصور وبناء الجملة الشعرية، وهي أمور من الضروري أن تتحقق في أية تجربة شعرية ترمي الوصول إلى قارىء أكثر حساسية إزاء الشعر؛ هذا "العابر الهائل" للمصطلحات النقدية التي تتكرّر كثيراً في تقييم الأعمال الشعرية خصوصاً الجديدة منها.

وقد اختير الكاتب أحمد بن عبدالله الفلاحي شخصية العام في فرع "الإنجاز الثقافي"، باعتباره من أبرز الأسماء الحاضرة منذ السبعينيات، حيث شارك في تأسيس أول ناد ثقافي أهلي في مسقط عام 1974، وكان ضمن هيئة تحرير مجلة "الثقافة الجديدة" آنذاك، كما كان مديراً لتحرير مجلة "الغدير" الشهرية (1977 - 1984) التي كان يكتب فيها أسماء أدبية طليعية، أصبحت الآن من بين الوجوه الشعرية في عُمان من قبيل مبارك العامري ومحمد الحارثي وعبد الله الريامي.

كما اختيرت مكتبة "دار الكتاب العامة" في صلالة (محافظة ظفار)، كمشروع تم تكريمه هذا العام ضمن نفس الفرع، حيث تأسّست في مطلع الأربعينيات من القرن الماضي كمكتبة خاصة، في بيت عبد القادر الغساني، حيث كانت عبارة عن ركن خاص في منزله، ضمّ ما يقرب من 4000 كتاب، ثم تحولت بعد ذلك إلى مكتبة عامة عام 2015 تحتضن في جنباتها أكثر من 12 ألف كتاب.

في فرع الإصدارت الإبداعية، مُنحت جائزة الشعر مناصفةً بين حسن المطروشي عن عمله "مكتفيا بالليل" وفاطمه إحسان عن "قلب مائل للزرقة"، حيث وجدت لجنة التحكيم أن المطروشي "تمكن في عمله الذي تنوع بين القصيدة الموزونة والمقفاة من بناء الشعر لغة، وإيقاعاً، وتصويراً؛ كما نجح في تنويع موسيقاه وإيقاعاته"، كما "استطاعت إحسان أن تتقن كيمياء الشعر في عملها بمعان مبتكرة وصور حية تفيض بالحياة، تم توظيفها بلغة رمزية ذات دلالات خصبة عميقة وغامضة توحي بالجمال ولا تُعلنه".

ووُصفت "سندريلات مسقط" لـ هدى حمد التي فازت بجائزة الرواية، بأنها "استفادت من تقنية التجريب، فقصتها الرئيسة ولدت حكايات لنساء يعشن المشكلة ذاتها، إذ اشتغل النص على مكان افتراضي تحدّه اللقاءات العاطفية، وتسوره لغة سردية قادرة على تأثيث الحكي بمتعة تخييل روائي متماسك"، وفازت مجموعة "كائناتي السردية" لـ ليلى البلوشي بجائزة القصة القصيرة، حيث أجمعت اللجنة على أن "العنوان العام للمجموعة يمتد إلى كل القصص التي وردت بداخلها، فكل الشخصيات ليست شخصيات حقيقية إنما هي شخصيات ألبستها الأديبة صفة الإنسانية، وعبرت عن مكامن نفسها بطريقة كما لو أنها أجرت معها حديثاً مطولاً سابقاً، تستنطقها مكنونات نفسها".

وفي مجال أفضل إصدارات الدراسات الأدبية والنقدية، رأت لجنة التحكيم أن تمنح دراستين "اشتغلتا على المنجز السردي المحلي، وبالدلالات الكامنة وراء النصوص"، حسب تعبيرها، لذا منحت للباحث خالد علي المعمري عن كتابيه "قراءة في مُضمّرات علي المعمري الروائية" و"أحجيات السرد".

وتقاسمها أيضاً في مجال "الدراسات التاريخية" عملان قدما "منهجية واضحة، وعالجا النتائج بطريقة متدرجة ومتكاملة"، على حد تعبير بيان اللجنة، وهما "جمال عبد الناصر والحركات السياسية في عُمان" لمؤلفته رنا بنت حمدان الضويانية، وكتاب يؤرخ لقرية عُمانية بعنوان "المنزفة: بيوتها الأثرية - تراجم أعلامها وهجرتهم إلى الدريز وغيرها من البلدان في عُمان وأفريقيا الشرقية" لمؤلّفه يعقوب بن سعيد البرواني.

وفي مجال "المخطوطات العُمانية"، فاز نصّ يعود إلى أواخر القرن الثاني للهجرة وأوائل القرن الثالث/ الثامن والتاسع للميلاد، وينضوي ضمن ما يعرف بـ"السِّيَر العُمانية"، حقّقه ناصر بن علي الندابي و"جمع فيه بين تأصيل قواعد فقه السياسة الشرعية، وعلم الأخلاق، ويغطي جوانب إدارية واقتصادية واجتماعية كانت سائدة في المجتمع العُماني آنذاك" وفق بيان لجنة التحكيم.

المساهمون