تدوير الكتابة

تدوير الكتابة

21 اغسطس 2016
تجهيز لـ قادر عطية/ الجزائر
+ الخط -

تنطفئ الأضواء فينبثق الممثّل فجأةً على الخشبة، في دائرة ضوء تتوسّط العتمة، ثمّ ينطلق في أدائه الميكانيكي لدوره الذي يجترحه، بالطريقة نفسها، منذ فترة طويلة جدّاً.

خارج مبنى المسرح، تغيّرت أشياء كثيرة. أو ربّما تغيّر كلّ شيء. حتّى أن "مترو الجزائر"، الذي يوُصَف بمشروع القرن (لأن إنجازه استغرق قرابة قرن كامل) يكاد يكتمل، وفي "ساحة بور سعيد"، هناك لاجئون أُضيفوا إلى المشرّدين الذين يفترشون كراتين الساحة، دلالة على أن حرباً، أو ربما أكثر، وقعت في مكان ما من هذا العالم.

أمّا هنا، على الخشبة، فالأمور تجري كما هي عليه قبل عشر سنوات: القصّة هي نفسها، الحركات أيضاً، والحوار كذلك. وحدها ملامح الممثّل تبدّلت قليلاً. أصبح شيخاً. وأنت، الجالس منزوياً في نهاية القاعة، كنتَ طفلاً حين شاهدت المسرحية في عرضها الأوّل.

ما الذي يعنيه استمرار عرض طيلة عشر سنوات؟ قد يعني ذلك نجاحاً مذهلاً، لدرجة أنه قرّر تخليدها في كتاب سيصدر قريباً. لكنه قد يعكس فشلاً ذريعاً، فشلاً في الالتحاق بذلك العالم الذي تختزله "بور سعيد".

يُخيّل إليك أن الممثّل استحال آلةً. وبينما يواصل دورانه، تستعيد أشياء شبيهة قرأتها، أحياناً باللغة نفسها، لكن في روايتين وقصّة ومقال وقصيدة للكاتب نفسه. أحياناً، يُصبح الكاتب آلةً هو الآخر، فيكتفي بالدوران حول نفسه، من دون أن يُعتَبر ذلك سرقة أدبية.

المساهمون