قصص قصيرة في رباعيّات الخيّام

قصص قصيرة في رباعيّات الخيّام

12 يونيو 2016
(تمثال لـ عمر الخيّام في العاصمة الرومانية بوخارست)
+ الخط -

ترك بورخيس تأثيرًا كبيرًا على القصة المعاصرة، ومن مؤثراته الشرقية الأقل شهرة العنصر القصصي في رباعيات عمر الخيّام.

نجد في رباعيات الخيام عناصر القصة القصيرة، فكل رباعية لها محور قصصي؛ وتجمع هذه الرباعيات علم النجوم والحساب والتقويم الفلكي وعلم الرياضيات. يقول في إحدى رباعياته: "شاهدتُ ألفيْ جرّةٍ في معملٍ/ تدعو ولم تفتحْ بنطقٍ فاها/ فإذا بإحداها تنادي أين من/ صنع الجرار وباعها وشراها".

هذه قصة قصيرة جدًا، وفيها نجد إحدى عشرة دلالة قصصية: الزمان والمكان والشخصية والرواية والتناقض والإيجاز والتشبيه والاستعارة والتصوير والإتيان بواقع وخرق العادات وقد نرى رؤية ماوراء حداثية في هذه الرباعية للخيام.

رؤية الخيام في الرباعيات رؤية جزئية؛ أي من الجزء إلى الكل؛ ونستطيع أن نلمس الجزء، نصوره ونرسمه، وجمالية رباعيات الخيام تكمن في هذه التفاصيل؛ والرؤية عنده تبدأ من الجزء وتنتهي إلى الكل. الخيام لا يكتب الشعر بقدر ما يروي قصة ويرسمها: "جاء السحابُ على الخمائل باكيًا".

وفي بعض رباعياته وبشكل غير مباشر يتحدثُ عن مؤامرة، وفي بعضها قد نجد قصصًا، وفي بعضها لا نجد شيئًا، بل هي مجرد شكل قصصي. وفي بعض الرباعيات لا نجد القصة ولا الشكل القصصي، بل نجد أصواتًا ونغمة شعرية تحمل في طياتها قصة غير مروية.

وبإمكاننا أن نشير إلى أن الشعراء الكلاسيكيين كانوا رواة جيدين مثل الفردوسي والنظامي وسعدي الشيرازي وحافظ الشيرازي وحتى المعاصرون مثل بروين اعتصامي ومهدي أخوان ثالث كانا أيضًا يسردان القصص في قصائدهما؛ ومن هذه الناحية فالخيام قاص بارعٌ ورباعياته تحمل شكلاً قصصيًا وحتى تلك الرباعيات التي لا تقوم على السرد فهي تشبه قصة قصيرة أيضًا.

يوظف الخيام في رباعياته بعض الدلالات القصصية السهل منها والصعب مثل الزمان والمكان والشخصية والتصوير والفضاء والجزئية والإيجاز والحدث وكسر العادة واللاواقعية والمؤامرة والواقع والدخول إلى النص.

الأفكار التي تحملها الرباعيات وشكلها هما ما يدخلها في خانة القصة القصيرة، وعند تناول المحور السردي في الرباعيات، نلفت النظر إلى شكل الرباعيات. ونحن إذا لم ندرك الشكل في أي نص أدبي فإن قراءتنا له تظل ناقصة. والفحص في هيكلية النص لا تشرح لنا معناه؛ بل الدلالات هي التي تعبد طريق فهمنا للنص.

من أجل أن تكون لنا منظومة شاملة من كلمات الخيام في هيكلية نصوصه ينبغي أن نشير إلى الأعداد والأرقام: وفقًا للرباعيات التي صححها صادق هدايت فإن للخيام 143 رباعية وكلمات كل رباعية بين 18 إلى 26 كلمة، وإذا أردنا أن نجمع الكلمات التي استخدمها الخيام في الرباعيات، تصبح لدينا 3575 كلمة؛ والخيام إنسان متعدد الثقافات ونظرته للعالم نظرة تركيبية، يعرف بنية الكلمة ويعرف الهندسة والحساب.

ولا عجب أن يعبّر بكلمات قليلة عن أفكار عميقة متأثرًا بالبنية الطبيعية لدوران الأرض مرة حول نفسها ومرة حول الشمس.

* كاتب قصة وناقد إيراني من مواليد عام 1952.


** ترجمة عن الفارسية: حمزة كوتي

المساهمون