البوكبوك غائب: ضد فتاوى الصنصرة

البوكبوك غائب: ضد فتاوى الصنصرة

07 مارس 2016
(من شخصيات "البوكبوك")
+ الخط -

لأول مرة منذ 1994، لم تحتو المجلة الأسبوعية "لابريس ماغازين" التي تصدر كل يوم أحد بالفرنسية في تونس على صفحتي "البوكبوك"، تلك الشخصيات الكاريكاتورية التي اخترعها الرسام التونسي لطفي بن ساسي وجعل لها عالماً يوازي كل ما يحدث في تونس.

غياب "البوكبوك" كان حركة احتجاجية من بن ساسي على خلفية طلب إدارة المجلة تغيير محتوى السيناريو الذي وضعه لقصّته المصوّرة، وهو ما يعتبره "صنصرة". ينتقد بن ساسي في السيناريو القصير الذي وضعه تبعية القرار التونسي للولايات المتحدة الأميركية.

الحادثة حرّكت هواجس التخوّف على حرية التعبير لدى فئات كثيرة في تونس، لكن الأكثر غرابة هو تعمّد "الصنصرة" في موضوع يبدو متداولاً في الفضاء العام، وليس اختراقاً خطيراً لموضوع مسكوت عنه.

في حديث إلى "العربي الجديد"، يؤكد بن ساسي أن ما يستغربه هو أن طريقة المنع لم تحدث معه حتى في ما قبل 2011 حين كانت هذه الممارسات تجد قوانين تسيّرها.

يوضّح ذلك بالقول "كان مصدر الرقابة فوقياً، إذ يأتي اتصال هاتفي من القصر الرئاسي أو من أحد الأجهزة الأمنية تطلب منع كاريكاتير أو قصة مصوّرة، وكان رؤساء التحرير يجلسون معي ونتناقش في تغيير المضامين، وكنا نتحايل على الأمر ونقوم بشيء من الرقابة الذاتية لتمرير الرسوم". يضيف "الآن لم يعد هناك رقابة من فوق، لتظل فقط من داخل غرف التحرير، ممّن أسميهم بمُدمني الصنصرة".

لكن، ما الذي تغيّر من زمن إلى آخر كي يدخل بن ساسي في هذه الحركة الاحتجاجية، فلا تظهر "البوكبوك" في المجلة؟ يقول "ينبغي أن نُفهم مطلقي "فتاوى" الصنصرة أن الناس لم تعد تقبل بهذه الممارسات".

يوم الجمعة الماضي، ومباشرة بعد أن طُلب منه تغيير قصّته الأسبوعية، نشر بن ساسي مقالاً في موقع إلكتروني بعنوان "أنا حزين، لقد صنصروا البوكبوك"، وفيه تحدّث عن تفاصيل ما حدث، مشيراً إلى أنه تساءل "هل في القصة ما يمس بالأخلاق أو بالنظام العام؟ أم هل أنها تمرّر معلومات خاطئة؟"، ليصل إلى القول "أنا حزين، لأنه يمكننا في هذا البلد انتقاد الرئيس، ولا يمكننا الإشارة إلى التأثير الأميركي في سياساتنا".

لعل الفترة الذهبية لازدهار الكاريكاتير والرأي الساخر في تونس قد ولّت دون أن يستفيد منها المشهد الإعلامي. ففي فسحة الحريات العامة، لم يتطوّر كثيراً المستوى خصوصاً في جانبه الفني، حتى أن أكثر الأسماء حضوراً هي نفسها التي كانت تعمل قبل 2011. يرى بن ساسي أن "تطوير الكاريكاتير لا يحتاج فقط إلى مناخ من الحريات، بل أيضاً إلى صحافة جدّية وتسخير إمكانيات مادية، وخصوصاً إلى تدريب الشباب". 


اقرأ أيضاً: توفيق عمران: مقاومة العولمة بالحبر الصيني

دلالات

المساهمون