أزهار المُهمل وأشياء غيتة علوي

أزهار المُهمل وأشياء غيتة علوي

26 فبراير 2016
"الإنسان الأول"، غيتة علوي، 2015
+ الخط -


في معرضها "أشياء تم العثور عليها" المقام حالياً بقاعة "دولاكروا" (المركز الثقافي الفرنسي في طنجة)، تستوحي غيتة علوي، كما في معظم أعمالها السابقة، العالم النباتي والعضوي، وتتأمّل في "الحياة عبر اعتماد الطعام كعنصر حيوي يفتح أبواب المتعة" كما جاء في التقديم القصير للمعرض.

في بداياتها، بيّنت علوي في أعمالها ارتباطها بالحداثة التصويرية، لتتّجه في ما بعد إلى التلاوين الحسّية والأنيقة. اهتمّت الفنانة المغربية (1972) منذ وقت مبكّر بالترميز وإعادة تشكيل النبات والأشجار والمعادن والحشرات، لتمنحها دلالات وجمالية مغايرة.

في أعمالها التي تكسوها مسحة من الخفة، تعتني الفنانة باللون باعتباره المسؤول عن رسم الشكل، شكل يختلط بالجوهر ليحافظ على سيولة اللون.

تجمع علوي بين الرسم والكتابة، قد نشرت "شَذرات من الحياة اليومية" (2013) تحتفي فيه باليومي، والمرأة والطفولة "وهي أولى مراحل التعرف على الحياة"، كما تقول. ربما من هنا، يأتي اهتمامها بالمُهمل، وما يغفله الكبار، فتجمع كل الأشياء التي لا قيمة لها لتعيد توظيفها حيث ترى أنها ستمنحها فرصة أخرى في الحياة.

هكذا تعيد علوي منح أشكال نباتية وعضوية حياة جديدة، سواء كانت هذه الأشياء حجارة أو أزهاراً مجفّفة، إذ تعيد رسمها بأشكالها الغامضة. فتنقل الأشياء من ظلمة "النسيان إلى ضوء الحضور، ومن الطبيعة إلى المصطنع، ومن الشكل المجهول إلى العمل الفني".

يمكن وصف عمل علوي بـ "أزهار المهمل" لو أردنا تحوير عنوان بودلير، لذلك فهي تسعى إلى الانطلاق من الشيء الملموس للحصول على فكرة تجريدية أو الكشف عن عالم غامض. فمرور الزمن يدفع بالذكريات الهشّة والأشياء نحو النسيان، فلا يبقى منها إلا أثر يجب الحفاظ عليه كتلك الحجارة البيضاء التي تذكرنا بالبيت، ببداية الكون.

أما الفنانة فتقول عن نفسها: "أمارس الفن لإمتاع نفسي والمتلقّي؛ إنني مسكونة جوهرياً بهذا الشكل التعبيري، وكل شيء يسحرني: من خلق النماذج مرواً بالرسم، والتشكيل، والنحت".

يحضر في أعمال معرضها الحالي (ثلاث عشرة لوحة)، تأثير الرسم الأميركي لعقدي الستينيات والسبعينيات، وخاصة أثر سي تومبلي، وهيلين فرانكنتالر وغيرهما من فناني "حقل اللون" (Color-field)، وهي حركة ابتعدت عن التعبيرية التجريدية كي تنسكب في الحركة التأثيرية التجريدية، كما تلصق، أحياناً، صوراً على جسد اللوحة.


اقرأ أيضاً: نذير نبعة يودّع بساتين المزّة

المساهمون