شنجيراي هوف.. قصيدتك بين أوراقي

شنجيراي هوف.. قصيدتك بين أوراقي

16 يوليو 2015
"صندوق عظام الموتى" لـ شنجيراي هوف (1999)
+ الخط -

عدت من ذلك الصيف في كراكوف، وقصيدتك "فوتوكوبي"، بين أوراقي. اكتشفت في برشلونة فقط، أنني نسيت أن آخذ إيميلك. قلت لا بأس. ثمة منصور راجح وفرج بيرقدار، كُثر مشتركون، وحتماً سآخذه منهم.

شغلتني الدنيا بلا شيئها، كما تعرف، وكما يحدث عادة مع أمثالنا. لكنّ طيفك ظلّ حاضراً مثل راية تخفق في الريح. بروحك المجروحة، وذلك الألم يقبع خلف سخريتك من أحفاد المستعمرين البيض.

قلت لي سأحاول الخروج من النرويج بأية طريقة. الجو والسأم عَصَرَا روحي كخرقة. ثمة ولد لي خلف المحيط، وسألتحق به. لم أفصح لك حينها عن خيبتي من الموضوع.

أيها الشاعر الذي رأى. ها هي أوروبا حلْم مثقفي العالم الثالث، تتكشّف لك عن وجهها المعتم، عن قسوتها المخبّأة لحين اللزوم.

من هناك، من زيمبابوي المنكوبة، جئتَ، هارباً حيث لا ملاذ. فالدكتاتور ونُسخه الفوتوكوبي، أشباحه المرئيون وغير المرئيين، قادورن على جعل حياتك، خراباً أينما حللت.

فرج لم يحضر. راجح المحمول من صمدة العرس إلى السجن القروسطي، أوغل في الكحول. أما مازن فساهِم وقلِق ويعلم الله بماذا كان يفكّر وهو مهدّد بالطرد من الجزيرة الصغيرة.

بعدك يا شنجيراي هوف صادقت أفارقة عديدين، لا مكان لهم هنا إلا لَمّ الحديد الخردة من الحاويات وبيعه لمقاولين محلّيين بخساً. لا أوراق ولا حقوق.

إنها أفريقيا التي تنزف. أوروبا التي كتبتَ عنها فلم تُخرج كل ما في الخرْج.

أوروبا الحلم المغشوش لدى مثقفين معذّبين في مساقط رؤوسهم، وسيكتشفون لو وصولوا إلى هنا، بعد فوات الأوان طبعاً، أنْ لا حلم ولا حتى نوم.

عذابات جديدة تتوالد من سياقات قديمة، لا غير.

الجحيم يبدّل اسمه فقط. ومحظوظ من واجَهَ نفسه فامتلك شجاعة الكتابة عن ذلك.

أما قصّتك مع ذلك الشيخ النرويجي، فلن أبوح بها، خوفاً من اتهامي بضيق النظر.

يرحمك الله أيها الغريب.

المساهمون