محمد مهر الدين يغادر مشغله العمّاني

محمد مهر الدين يغادر مشغله العمّاني

24 ابريل 2015
+ الخط -
رحل أمس، عن 77 عاماً، الفنان العراقي محمد مهر الدين في عمّان حيث مشغله الذي أمضى فيه سنواته الأخيرة. تاركاً وراءه نصف قرن من الإبداع والألفة والاشتباك البصري مع عالمٍ ما انفكّ يستلب كينونة أبنائه. 

بثراء وتنوع في الأساليب التشكيلية، قدّم مهر الدين، الذي ولد في البصرة عام 1938، معارضه التي استهلها في بغداد سنة 1965. أعمالٌ يُلاحظ فيها اشتغال لافت على خصائص السطح وتأثير المادة واللون في صياغة رؤيته الفنية، التي ظلّت تحلق في فضاء الراهن والمعيش، عبر مساحات تجريدية، وتكوينات هندسية، كرّست مكانته كواحد من رواد الحداثة في الفن العراقي المعاصر.

ظلّ مهر الدين، مسكونًا بهاجس الاكتشاف والتنوع، واستحضار فن له سماته الجمالية والفلسفية، وبوعي دقيق لتجارب الفن العالمي المعاصر، وبذائقة تعمق الموروث التشكيلي العربي الزاخر بالتحولات الإبداعية والصيغ التجريبية، مُحاولاً الجمع بين هذا الموروث والمؤثرات التجريدية والتعبيرية المتفاعلة في اتجاهات الفن الغربي الحديث، سعياً نحو تغيير الواقع والنهوض بثورة اجتماعية تحقق للإنسان آدميته المنخورة بالقهر والاستلاب.

وعلى مقربة من نبض الناس، ظل مهر الدين واقفاً خلال مسيرته الطويلة. وقفة جعلته يعتبر الاحتلال الأميركي للعراق "كارثة حقيقية: قتل وتشريد وتخريب ثقافة وسرقة الآثار وتهديم بناء بلد".

وقد عالج تلك الكارثة، فنيًا، من خلال الاختزال، بحدّ تعبيره: "حالة الحرب دفعتني إلى اختزال الألوان. طوال السنوات التي أعقبت الاحتلال الأميركي للعراق كنت أحاول استيعاب حالات الحرب حتى بدأت تأثيراتها تظهر. ففي 2011، بدأت تتبلور موضوعات الحرب؛ لأن هذا الحدث لا يمكن أن يكون عابراً، حتى 2013 بدأ التغيير في الألوان.. التغيير يأتي تلقائياً ولا أخطط له.. بعد أن أنجز الأعمال، أكتشف أن هناك لوناً أو خطاً أو شكلاً يأتي بالصدفة، فأشتغل على تطوير الصدفة الجمالية والفكرية".

تحت عنوان "حرب قذرة"، أقام مهر الدين معرضه الأخير العام الماضي في عمّان، في "غاليري الأورفلي"؛ إذ قدّم أربعين لوحة جسّدت تداعيات حرب 2003 على العراق، وبشاعة المستفيدين منها، مستخدماً الأسلوب التعبيري ليحفر في الواقع المؤلم الذي عانى منه العراقيون جرّاء الحرب.

من مجموعة "حرب قذرة"، 40 × 240 سم


أقام مهر الدين عشرات المعارض الشخصية والمشتركة عربيًا وعالميًا، وله ثلاثة جداريات في مطار بغداد والبصرة وساحة الاحتفالات في بغداد. كما أصدر كتابين عن تجربته الفنية عامي 2010 و2011، وهو واحد من مؤسسي جماعة "الرؤية الجديدة" التي ظهرت عام 1969.

المساهمون