محسن شعلان.. غاب مع "زهرة الخشخاش"

محسن شعلان.. غاب مع "زهرة الخشخاش"

10 فبراير 2014
+ الخط -

هناك دائماً صراعات لا ينهيها إلا الموت. كالصراع في سنوات عهد مبارك الأخيرة بين الفنان التشكيلي الدكتور محسن شعلان، رئيس قطاع الفنون التشكيلية السابق في وزارة الثقافة المصرية، ووزير الثقافة المصري السابق فاروق حسني، على خلفية سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان العالمي فان غوغ من متحف "محمود خليل" في عز الظهر بحي الدقي المزدحم في القاهرة، واختفائها حتى يومنا هذا.

محسن شعلان (1951 – 2014) الذي توفي نهار أمس الأحد (9 شباط/فبراير) في القاهرة، عن 63 عاما، كان المتهم الأول في قضية سرقة "زهرة الخشخاش" لكونه رئيس قطاع الفنون التشكيلية عند سرقة اللوحة في آب/ أغسطس 2010. وقد اتُّهم بالإهمال وتسهيل سرقة ثروات الدولة، مما جعله يقلب الطاولة على رئيسه، وزير ثقافة مبارك لأكثر من عشرين عاماً، فاروق حسني، ويتهمه بالتقصير في حماية المتحف عن عمد، وبرفض عروض مجانية لتزويد المبنى وصالاته بكاميرات مراقبة، وتعيين موظفين إداريين محسوبين عليه  بدلاً من تعيين رجال أمن محترفين.

وحول فاروق حسني الذي كانت المعارضة المصرية قبل الثورة تعتبره أحد رموز الفساد الثقافي في مصر، سرت شائعات آنذاك بأنه سهّل تهريب اللوحة لحساب إحدى شخصيات أسرة مبارك، ثم حاول امتصاص المعركة مع الراحل محسن شعلان بالترهيب تارةً وبالترغيب تارة أخرى.

شعلان في أولى جلسات محاكمته صاح في القفص قائلاً: "أنا بريء.. أنا كبش فداء"، وصب جام غضبه على لوحة فان غوغ المسروقة، واصفاً إياها بأنها سيئة فنياً ولا قيمة لها بدون توقيع صاحبها، وبأنها من المحتمل ألا تكون أصلية. واتهم وزير الثقافة ومرؤوسيه في إدارة المتحف بالإهمال، فما كان من فاروق حسني إلا أن رد عليه في تصريحات للصحفيين تحمل نبرة تهديد مبطن، كما في قوله: "احنا شايلين عنه بلاوي، فيدافع عن نفسه أحسن وميتهمش الآخرين!"

حاول حسني بعد ذلك استمالة شعلان بتعيينه مستشارًا له، رغم عدم انتهاء جلسات القضية، وانتهى الموضوع بحصول شعلان على حكم ودخوله السجن فترة أمضاها في الرسم وكتابة يومياته خلف القضبان.

معركة حسني وشعلان كانت مثالا جلياً على كيفية تخلص دوائر وزارة ثقافة مبارك من رجالها، حيث لم يشفع لشعلان تكاتف الفنانين التشكيليين معه، وتدخل بعضهم في القضية، بما فيهم نقيب الفنانين التشكيليين آنذاك مصطفى حسين المقرب من الرئيس المخلوع حسني مبارك. وفي النهاية، ضاعت لوحة "زهرة الخشاش" إلى غير رجعة، وانتهى نظام مبارك الذي لم يخرج منه فاروق حسني حتى سقوطه في ثورة يناير 2011. وأخيراً ها هو محسن شعلان يغيب مع زهرة الخشخاش.

المساهمون