يوم المعلّم الفلسطيني.. استعادة تاريخ نضالي

يوم المعلّم الفلسطيني.. استعادة تاريخ نضالي

14 ديسمبر 2023
طالبات يجلسن في قاعة مدمرة بمدرسة حكومية في حي الشجاعية بغزة، 2014 (Getty)
+ الخط -

في مثل هذا اليوم؛ الرابع عشر من كانون الأول/ ديسمبر عام 1980، قاد المعلّمون الفلسطينيون مظاهراتهم ضدّ الاحتلال الصهيوني، انطلقت من "مدرسة المغتربين" في البيرة باتجاه مبنى الحكم العسكري رفضًا لتدخلاته المتواصلة سعياً لتدمير التعليم وإفراغ المناهج الدراسية من مضمونها الوطني.

واجه جنود الاحتلال المتظاهرين حينها باعتداءات وحشية، وكان في قيادة المظاهرات أعضاء اللجنة العامة للمعلمين والتي شكلت من خلال لجان لوائية من معلمي المدارس في كل محافظة، والتي بدورها أعلنت إضراباً عاماً لاقى تأييداً واسعاً في معظم مدارس المدن والبلدات الفلسطينية التي احتلت عام 1967.

 ورغم محاولات السلطات الإسرائيلية إفشال الإضراب بشتى الوسائل، من خلال التنكيل بهم، وملاحقة قادتهم، ووقفهم عن العمل، ووقف رواتبهم، وغيرها من الإجراءات العقابية، إلا أنه استمر خمسة وسبعين يوماً، وحظي بتأييد جميع القوى والتيارات السياسية الفلسطينية، وكذلك البلديات والاتحادات العمالية والنقابات والجمعيات الخيرية.

أضرب المعلمون رفضًا لتدخلات الاحتلال سعياً لتدمير التعليم وإفراغ المناهج الدراسية من مضمونها الوطني

وكما تشير العديد من المقالات التي وثّقت هذه المحطّة المهمة في تاريخ النضالات التي خاضها المعلمون الفلسطينيون، فإن البلديات قامت بتوفير قاعاتها ومكاتبها لاجتماعات المعلمين، وطباعة منشوراتهم وبياناتهم، وكذلك اشتركت العديد من الاتحادات في دعمهم وخاصة "اتحاد المرأة".

الإضراب الذي تواصل حتى آذار/ مارس 1981، كان حلقة من سلسلة احتجاجات ضدّ سياسات ممنهجة بدأها الاحتلال بعد عام 1967، الذي قام بإغلاق متتالية بعد مرور حوالي عامين تنفيذاً لقرارات الحكم العسكري التي تمثّلت باعتقال المعلمين والإضرابات التي قام بها المدرسون آنذاك احتجاجاً على سياسات القمع الإسرائيلية، والتي أثرت بدروها على العملية التعليمية بشكل مباشر، وتسبّبت بارتفاع نسب التسرب من المدارس.

في ورقة أعدّها الباحث يحيى حجازي بعنوان "التعليم وصحة النفس الفردية: الحالة الفلسطينية" عام 2010، يبيّن أن نسبة الطالبات غير الملتحقات في النظام التعليمي في مطلع السبعينيات وصلت الى أكثر من 44%، واتخذت أيضاً قرارات عسكرية مماثلة في كل مرة حاول الفلسطينيون تنظيم حياتهم وتحديد أهدافهم وأولوياتهم كما حصل خلال انتفاضة 1987، وانتفاضة 2000، حيث أغلقت المدارس لفترات طويلة في تلك الفترة. 

وتلفت الورقة إلى أن السلطات الإسرائيلية قامت برفع مساهمة الأهل في رسوم التسجيل للمدارس لكي لا يستطيع الجميع الانتساب الى الجهاز التعليمي، فيتسرب قسم من الطلبة للعمل في السوق الإسرائيلي، وهذا بالرغم من مجانية التعليم حسب قوانين الاحتلال، كما مُنعت مدارس الوكالة والكليات الغزية من ممارسة العمل في التعليم كونها تعمل بدون تراخيص عمل إسرائيلية عام 1980، ومنح القائد العسكري الإسرائيلي صلاحيات التدخل والتحكم في قضايا التعليم بما فيها إلغاء التعليم الإلزامي في تلك القترة.

اتخذ العدو الإسرائيلي جملة إجراءات كان الهدف منها السيطرة على النظام التعليمي والتحكّم بالمناهج الدراسية، وكذلك آلية تعيين المعلمين وقبول الطلبة، وفُرضت أحياناً الإقامة الجبرية على المعلمين، وتمّ نقلهم من مدارسهم بشكل تعسفي ومنعهم من السفر، وتواصلت الانتهاكات بعد ذلك عبر اقتحام للمدارس وتدميرها وتحويل بعضها الى ثكنات عسكرية ومراكز اعتقال خلال انتفاضة 1987.

استطاع المعلمون تحقيق العديد من مطالبهم وأجبروا سلطات الاحتلال على التخلي عن سياسته وتدخلاته المتكررة في المناهج الفلسطينية، وتمّ التراجع عن العقوبات التي اتخذها بحقّ قادة اللجنة العامة وعدد من المشاركين في الإضراب. واستحقّ الرابع عشر من كانون الأول/ ديسمبر أن يكون يوماً وطنياً يحيل إلى لحظة بارزة في تاريخ النضال الفلسطيني.
 

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون