مُوحَّدون في الساحات.. من بيروت إلى غزّة

مُوحَّدون في الساحات.. من بيروت إلى غزّة

13 أكتوبر 2023
جانب من الوقفة الاحتجاجية (العربي الجديد)
+ الخط -

منذ الساعات الأولى التي تلت الإعلان عن عملية "طوفان الأقصى"، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، والمجموعات الطلّابية والناشطون والناشطات في الشأن السياسي والحقوقي بلبنان، يتنادَون لتأكيد وقوفهم الكامل، ودعمهم غير المشروط للمقاومة الفلسطينية، وحقّ الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه المُحتلّة بالوسائل كافّة. وما زالت المُظاهرات والوقفات الاحتجاجية تتصاعد في مختلف المناطق من طرابلس شمالاً، ومروراً ببيروت، وليس انتهاءً في الجنوب الذي طالت همجية آلة الحرب الإسرائيلية قُراه أيضاً.

واللّافت أنّ أفراد هذه المجموعات يبتعدون في تكوينهم الأساسي عن الاصطفافات "النخبوية"، التي عادةً ما ينشغل بها المثقّفون "الرسميّون"، وتأتي تحرُّكاتهم في سياق التأثير المُباشر بشارعٍ شعبيّ عريض، والتعويل عليه فقط، ما يُعطي نشاطهم طابعاً جذرياً.

الأهمّ هو الانخراط والتنظيم، ليكون الصوت الشعبي لاعباً أساسياً

عند الرابعة من مساء أمس الخميس، تلاقى شبابٌ وشابّاتٌ من لُبنان وفلسطين وسورية، ومتضامنون آخرون من دول عربية وأجنبية، في وقفة احتجاجية أمام "السفارة المصرية" في بيروت، رافعين شعارات مُندِّدة بالعدوان الصهيوني على غزّة، حيث رفعوا لافتة أساسية كُتب عليها "مُوحَّدون في الساحات: ضدّ الاحتلال والأنظمة العربية المُطبِّعة".

التقت "العربي الجديد"، أثناء هذه الوقفة، بالباحثة والمعمارية عبير سقسوق، التي رأت أن مكان الاحتجاج غير مرتبط بالتنديد بمواقف النظام المصري فقط، بل بالأنظمة العربية برمّتها، المُطبّعة والقامعة للشعوب العربية، والتي قضت، طيلة العقود السابقة، على إمكانية المقاومة الشعبية لتحرير فلسطين. وحسب سقسوق فإنّ النظام العربي يتحمّل مسؤولية أساسية في ما وصلت إليه القضية الفلسطينية من طريق مسدود، وقالت: "نجتمع هنا لأننا نرى ضرورة فتح المعابر من الجانب المصري. وسنتابع هذا الاعتصام في وقفات أُخرى أمام سفارات الأنظمة المُطبّع منها أو من هو على خُطى التطبيع".

الصورة
مد علم فلسطين - القسم الثقافي
ضد الأنظمة المُطبّعة (العربي الجديد)

وعن المَسيرة المُقرَّرة، عند الخامسة من مساء اليوم الجمعة، انطلاقاً من مخيم مار إلياس إلى مخيم شاتيلا، نبّهت العضو المؤسّس في "استوديو أشغال عامة" إلى أهمّيتها في تحشيد الشارع البيروتي، وتوفير الدعم الشعبي للمقاومة الفلسطينية، مُوضِّحةً أنّ هذا الدور ليس حِكراً على الأحزاب المُسلّحة. وبأن الأمر لا يتعلّق بإصدار البيانات من وسط معيّن، مُثقّف أو سوى ذلك، فالأهمّ هو الانخراط والتنظيم، ليكون الصوت الشعبي لاعباً أساسياً في حشد كتلة مُجتمعية في بيروت تتبنّى القضية الفلسطينية، وهذا ما افتقدناه لسنوات.

وختمت: "أهالي غزّة قالوا كلمتهم، بعد حصار صهيوني إجرامي دامَ لأكثر من خمسة عشر عاماً. وطالما أن غزّة اختارت هذا المسار، فعلينا دعمه بكُلّ الأدوات المُتاحة بين أيدينا".

عمليات المقاومة تُعيد الأمل في جدوى السياسة في الداخل اللبناني

كذلك تحدّثت "العربي الجديد" مع المُخرج المسرحي اللبناني هاشم عدنان، الذي لفت إلى أنّ الدعوة إلى هذه الوقفة الاحتجاجية جاءت من مجموعة سبَق لها أن نظّمت عدداً من التحرُّكات التضامُنية مع غزة والمقاومة الفلسطينية في مراحل مُختلفة، وأُخرى مُناهضة لموجات العنصرية داخل لبنان، التي يتعرّض لها الفلسطينيّون والسوريّون، في موضوعات مثل حقّ العمل واللجوء. فهذا التيار المُناهض للاحتلال والاستعمار، والمُناهض للأنظمة العربية المُطبِّعة، وكذلك الأنظمة التي تدّعي دعم القضية، في حين هي بجوهرها تُساوم على حقوق الشعب الفلسطيني مُقابل مكاسب سياسية مُعيّنة.

وأضاف صاحب مسرحية "الثقب الأسود.. قضية تغييب مئتي ألف عاملة": "هذا ليس التحرُّك الوحيد، حيث نستكمل بمسيرة الجمعة نشاطنا بالتحرّك من مخيّم مار إلياس إلى شاتيلا في بيروت". كما أشار عدنان إلى أن هذا النشاط الداعم، سيُعيد الزخم إلى الشارع اللبناني الداخلي للمطالبة بنيل حقوقه، أيضاً، من سُلطته. أمّا عن رمزية اختيار السفارة المصرية، فأرجعها عدنان إلى الخفّة التي تتعامل معها السلطة المصرية مع العُدوان على غزة، ومن أجل الضغط لفتح معابر لدخول المُساعدات إلى غزة، بدل المراهنة، مع الإسرائيلي، على خيار إفراغ القطاع من أهله.

الصورة
من الوقفة الاحتجاجية - القسم الثقافي
الأولوية لفتح المعابر (العربي الجديد)

كما عبّر عدنان عن دهشة وإعجاب الشارع المُناصِر لقضية فلسطين، أينما كان، بمُبادرة المقاومة الفسطينية إلى حرب التحرير. والتي أثّرت بشكل قويّ في الداخل اللبناني، خاصة بعد انكفاء ثورة 17 تشرين الأول 2019، والجوّ السلبي الذي نتج بعدها، وما نجم عنه من شعورٍ باللا جدوى. وهُنا فإن "طوفان الأقصى" يُعيد الأمل، وفقاً للمخرج اللبناني، إلى التحرُّكات النضالية في المنطقة وليس في فلسطين فقط. وختم: "سواء كنّا مُشتغلين في الحقل الثقافي أو الفني أو سواه، من العار تجاهُل ما يحدُث".

الجدير بالذكر أنّ المشاركين رفعوا لافتات كتبوا عليها عبارات مثل "أَدخِلُوا المُساعدات إلى غزّة"، و"غزّة تُباد على مرأى الأنظمة العربية والعالَم، افتحوا المعابر"، و"مُنافق مَن يبكي على شهداء غزّة ولا يدعم صواريخها". كما خطُّوا على الجدار الإسمنتي المنصوب في المُحيط عبارات "التطبيع خيانة"، و"الحرّية لشعب مصر"، وتعيش صواريخ المقاومة".

المساهمون