"ما بعد الانطباعية": عندما كُسرت تقاليد الفن

"ما بعد الانطباعية": عندما كُسرت تقاليد الفن

06 مارس 2023
"جبل سانت فيكتوار" لـ بول سيزان، من المعرض
+ الخط -

شكّلت الفترة الممتدّة بين عام 1888 وبين اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914 أبرز التنظيرات والممارسات حول تاريخ الفن، لتقود عبر البحث والمغامرة لعدد من الفنانين إلى الانتقال للحداثة كما عرفها العالم في اتجاهاتها التعبيرية والسوريالية والتكعيبية والتجريدية وغيرها.

في هذه المرحلة التي شهدت اضطرابات كبرى، كُسرت التقاليد الراسخة للفن منذ عصر النهضة، ووُضعت الأسس للفن الحديث في القرنين العشرين والحادي والعشرين، من خلال مقاربات غير مسبوقة لجوهر التمثيل والمعنى للعمل الفني الذي تخلّص من فكرة محاكاة الطبيعة والإنسان والأحداث الكبرى نحو الترميز والاختزال والانزياح عن الواقع.

"ما بعد الانطباعية: ابتكار الفن الحديث" عنوان المعرض الذي يُفتتح السبت، الخامس والعشرين من الشهر الجاري، في "الغاليري الوطني" بلندن ويتواصل حتى الثالث عشر من آب/ أغسطس المقبل، ويوزّع بالتوازي كتاب يحمل عنوان المعرض ذاته.

الصورة
("الرؤية بعد الخطبة" لـ بول غوغان، من المعرض)
("الرؤية بعد الخطبة" لـ بول غوغان، من المعرض)

الكتاب من تأليف الباحثين ومؤرخي الفن: ماري آن ستيفنز، وماريا ألامبريتيس، وجوليان دومرك، وشارلوت دي ميل، وجون ميلنر، ودانيال رالستون، وكريستوفر ريوبيل، وكاميلا سميث، وسابين ويبر، ويستكشف الموضوعات الرئيسية في تطوير الفنون البصرية في أوروبا في تلك المرحلة؛ الانفصال عن التمثيل التقليدي للعالم الخارجي، وصياغة لغات بصرية غير مألوفة مع التركيز على مادية العنصر الفني التي يتم التعبير عنها من خلال الخط واللون والسطح والملمس والنمط.

يحتفي المعرض بثلاثة فنانين كان لهم دور أساسي خلال المرحلة التي سبقت الحداثة، وهم: بول سيزان وفينسنت فان جوخ وبول غوغان، ويتبع التأثيرات التي أحدثوها على أجيال لاحقة من الفنانين في جميع أنحاء أوروبا، كما يعاد النظر في أعمال إدغار ديغا وكيفية تعامله مع شكل اللوحة وسطحها وفضائها، وكذلك الانطباعية الجديدة التي نزعت نحو تبسيط الشكل والأسطح، والتلوين بشكل منقط بما يشبه الفيسفاء.

ويضيء المنظّمون تطوّر الرمزية التصويرية كما صاغها غوغان، إذ إنه لم يطالب تلامذته بعدم تمثيل الطبيعة إنما نبّههم لأهمية الفكرة والعاطفة العميقة في اللوحة، بالإضافة إلى أعمال أوغست رودان الذي عاكس فيها تاريخاً طويلاً من النحت الأوروبي الذي قام على تصوير الجسد الإنساني وفق منظوره للتشريح.

يضمّ المعرض أكثر من مئة عمل تنتمي إلى الحداثة، مع تقديمه شروحات وتعليقات حول طبيعة تاُثرها بالمرحلة التي سبقتها، حيث يشاهد الزائر أعمالاً لكلّ من هنري ماتيس وبابلو بيكاسو وبيت موندريان وفاسيلي كاندينسكي وجورج براك ودييغو ريفيرا ورينيه ماغريت وغيرهم.
 

المساهمون