لطيفة الزيات.. مئوية بلا أثرِ مدوّن

لطيفة الزيات.. مئوية بلا أثرِ مدوّن

16 اغسطس 2023
لطيفة الزيات (1923 - 1996)
+ الخط -

خلال الدورة الرابعة والخمسين من "معرض القاهرة الدولي للكتاب"، التي أُقيمت في كانون الثاني/ يناير الماضي، عُقدت محاضرة قدّمتها ماجدة منصور حسب النبي بمناسبة مرور مئة عام على ميلاد لطيفة الزيات، تضمّنت مروراً سريعاً على حضور الكاتبة والناشطة المصرية (1923 - 1996) في أعمال عدد من الكاتبات المصريات والعربيات، مع إشارة إلى أن نص المحاضرة قد يكون نواة مشروع كتاب حول الراحلة.

الاحتفاء بمئويات الكتّاب والفنانين والمثقفين المصريين لا يعدو كونه تقليداً شكلياً يُتّبع في معرض الكتاب أو في غيره من التظاهرات الثقافية التي تتوزّع على طول العام، وكثيراً ما يجري استبدال متحدّث بغيره في آخر لحظة، أو إلغاء حدث كان مقرراً، إذ تغيب أي رؤية شاملة أو تخطيط مسبق تتعاون فيه مجموعة من المؤسسات الثقافية في هذه المئوية أو تلك، ولا يوضع ضمن الأهداف تحقيق أي إضافة على مستوى دراسة تجربة الشخصية المحتفى بها أو توثيق سيرتها في مؤلّف أو موقع إلكتروني أو سواهما.

وربما ما يثير الاستغراب هو إعلان "المركز القومي للترجمة" في القاهرة عن مسابقة لترجمة أحد مقالات الزيات، بعنوان "الكاتب والحرية"، كانت قد نشرته في مجلة "فصول" عام 1992، ثم تضمّنه كتابها "الأدب والوطن" الذي صدر سنة 1995، على أن تكون الترجمة من اللغة العربية إلى أي لغات أخرى.

الاحتفاء بمئويات الكتّاب المصريين لا يعدو كونه تقليداً شكلياً

مسابقة لا تحقق غاياتها المتوقعّة إن كان المطلوب نقل واحد من نصوصها إلى لغة أخرى، إذ أن ذلك يتطلب جهداً متقصداً عبر تكليف مترجمين محترفين لعمل ذلك إذا ما كان مهماً نقل هذه الأفكار والآراء إلى ثقافة أخرى، وما معنى أن يترجَم هذا المقال ليُحفظ في مطبوعة يصدرها المركز، دون الوصول إلى قراء بهذه اللغة أو تلك.

باستثناء ذلك، نُشرت في الصحافة المصرية بضع استعادات للراحلة تغلب عليها معلومات عامة عن أحداث أو محطّات بارزة في حياة المناضلة والكاتبة والمترجمة الراحلة، لكنها لا تضمّ أي محاولة أو جهد لإعادة قراءة تجربتها وآثارها ودورها في الثقافة المصرية والعربية.

عند الاحتفال بشخصيات في معظم الثقافات الغربية يُعلَن، قبل عام من مرور المئوية مثلاً، عن تخصيص تلك السنة عبر مجموعة من الفعاليات، التي غالباً ما يخصص لها موقع إلكتروني تُنشر عليه مجموعة من أعمال الشخصية وما يضاف إليها خلال الاحتفالية، أو زاوية في موقع إلكتروني يتبع مؤسسة ثقافية ما، وتنقسم تلك الأنشطة إلى بعد نخبوي، وآخر جماهيري.

في الأول، يتمّ التركيز على نشر دراسات أو تخصيص كرسي دراسات في جامعة ما، أو إنشاء مؤسسة أو قسم أو هيئة لمتابعة تراث الشخصية المحتفى بها، وفي الثاني يجري اللجوء عادة إلى عمل فيلم وثائقي أو روائي يمكن أن يصل إلى أكبر شريحة ممكنة، أو إقامة معرض توثيقي يضمّ الصور والوثائق وغيرها من المتعلقات التي تخصّ الشخصية.

لم تحظ لطيفة الزيات وغيرها من المبدعات والمبدعين باحتفال كهذا يترك أثراً ملموساً، بدلاً من إلقاء كلمة هنا أو هناك، أو عمل مسابقة لا هدف متحقق منها. باستثناء ذلك، يمر هذا العام كغيره من الأعوام.

المساهمون