كما يُبنى الحلمُ حجراً حجراً

كما يُبنى الحلمُ حجراً حجراً

10 سبتمبر 2023
من سلسلة "جدران غزّة" لليلى الشوّا
+ الخط -

أقرأُ

I

أكتبُ
لأرتقَ جُرحي
لأُنصفَ نفسي.

II

أكتبُ
لأقنصَ الجنودَ الذين أقاموا حواجزَهم
سُطوراً في دفتري...

III

أكتبُ؛
يكتملُ العزاء.
أقرأُ؛
يتصاعدُ العرسُ.


■ ■ ■


لا جدوى من بِناءٍ

كما يُبنى الحلمُ حجراً حجراً
يُهدمُ الألم حجراً حجراً.

الألمُ يُعلِّمُكَ البناء
الحلمُ يُعلِّمُكَ الهدم.

لا جدوى مِن بِناءٍ
مِن غيرِ هدم
لا جدوى مِن خيط
مِن غير إبرة.


■ ■ ■


قصائدُ الماضي

أيُّها الماضي
يُمكنُك أنْ تحتفظَ بِدروسِكَ لِذاتك
كُلُّ ما سيلحق بي حين أمضي:
قصائدي فقط.


■ ■ ■


بِلا ملاقط

هذه قصائدي مُلطَّخة بِبُقعٍ مِن الزيت
لربَّما كان يجدرُ بي أنْ أحتفظَ بها لنفسي
لكنْ ها أنا أغسلُها وأنشرُها مُبلَّلةً
على حِبالِ العالم
بِلا ملاقط
واثقاً بِالريح
بِالأصدقاء، بِالغرباءِ
بِالذين أتوقُ لارتداءِ أجسادهم.

مَنْ يتحملُ عنِّي عناءَ طيِّها؟
مَنْ يملكُ خزانةً تسعها كُلّها؟


■ ■ ■


عطشٌ أعمى

فَلْيُغْلِقْ أحدكم عنِّي هذا الصنبور
يدايَ قيَّدَهما عطشٌ أعمى.

أودُّ أنْ أشربَ الكلمات التي سكبتُها أوَّلاً
قبلَ أنْ تموتَ ثِمارُها
مُتدليّةً من الأغصان.


■ ■ ■


أحافظُ على دفءِ قصائدي

كان أبي دائماً يقول:
"على قد لحافك، مدّ رجليك"
لذا كُلَّما تفقَّدتُ قصائدي
ووجدتُ جُزءاً مكشوفاً مِنها
بترته بِلا رحمة.

أحافظُ على دفءِ قصائدي
أحرصُ ألّا تتكشفَّ
أناءَ الليلِ وأطرافَ النهار
أمامَ الملأ
الذين ما انفكوا يسرقونَ اللحافات
من فوقِ قصائد سِواهم
غير مدركين أن الشعر هو أن يكتفي المرء
بِلحافِه.


■ ■ ■


طفلاتٌ يحجتن يدكِ

دائماً ما أُوصي الأفكار:
لا تسبقي بناتكِ الكلمات
فَهُنَّ طفلاتٌ يحتجنَ يدكِ
كي يقطعنَ الطريق.

لكنْ لا فائدة من الكلام مع الأفكار
اعتدت الإقامة في قسم الطوارئ.


■ ■ ■


عن حرثِ أجسادنا

كيفَ أكتبُكَ أيُّها الألم
وصرخاتُكَ لا تنتمي إلى لُغةٍ دون غيرها؟
كيفَ ألتقطُ لكَ صورةً واضحةً
وأنتَ، عن حرثِ أجسادنا، لا تتوقف؟


■ ■ ■


نبضُ الشارع

مُنهَكاً من طولِ الطريق على العابرين
غفى الشارعُ عند رأسِ أخيه
لمْ يحلم بِمدينةٍ تليقُ بِتعبه
ولا بِأشجارٍ تُرافقه
فقط تمنّى ألّا يفيقَ
على صمتٍ يمطُّ في صمته
وألّا يغسلَ وجههُ العسليَّ
بِنومٍ جديد!


■ ■ ■


الموت = الحياة

ما نحنُ إلّا مِن:
حياةٍ نلحقُ بِها
وموتٍ نهربُ مِنه.
=
ما نحنُ إلّا مِن:
حياةٍ تتهرَّبُ مِنّا
وموتٍ يُلاحقنا.
=
ما نحنُ إلّا مِن:
موتٍ
يدَّعي أنَّه الحياة.


■ ■ ■


وإن حاولتَ

في هذه الحياة التي تُمعنُ في إيلامنا
أمسى الموتُ الدليلَ الوحيدَ
أنَّنا عِشنا
أمسى الموتُ التتويجَ الوحيدَ
على خوضنا الحياة.

وإِنْ حاولتَ رَدَّ صفعاتِ الحياة
فكأنَّكَ تطلبُ المزيد منها 
كأنّكَ تصفعُ نفسك.


■ ■ ■


يُمسكُ الحزنُ بِالآخر

الحياةُ حبلٌ
يُمسكُ الفرحُ بطرفٍ
بينما يُمسكُ الحزنُ بِالآخر.

نقفُ داخلَ عُقدةٍ في المنتصف
كُلَّما تحرَّكنا تجاه واحدٍ منهما
شدَّنا الآخر بِقوةٍ.


■ ■ ■


يختبئُ خلفه

يدقُّ الفرحُ بابي فأفتحُ
ألمحُ شيئاً يُشبه الحزنَ
يختبئُ خلفه.

يدقُ الحبُّ بابي فأفتحُ
ألمحُ شيئاً يُشبه الكرهَ
يختبئُ خلفه.

لستُ أدري إنْ كنتُ أفتحُ بابي
على نورٍ أمْ ظلام.


■ ■ ■


عانقيني الآن

عانقيني الآن، أقول.
تُفكِّرُ كيف تضمني
وأنا صغيرٌ جداً على ذراعيها.

عانقني الآن، تقول.
أُفكِّرُ كيف أضمها
وهي صغيرةٌ جداً على ذراعيّ.

أنظرُ إليها من مكاني على الأرض
تنظرُ إليَّ من مكانها في السماء
كلّ يومٍ في انتظارِ الحل.


* شاعر فلسطيني من غزة

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون