سارة الجويني حافيز.. أسئلة الوجود في البوذية

سارة الجويني حافيز.. أسئلة الوجود في البوذية

04 مايو 2022
(نسخة من "لوتس سوترا"؛ واحد من أهم النصوص البوذية، المكتبة البريطانية)
+ الخط -

في بداية القرن الثامن عشر، بدأت دراسة البوذية من خلال النصوص التي اجتذبت أكاديميين ورجال دين من مختلف الدول الأوروبية، وتضاعف الاهتمام بها خلال الفترة الاستعمارية في شبه القارة الهندية والشرق الأقصى، ليظهر العديد من الترجمات لأدبياتها في القرن اللاحق.

التوجّه لمعرفة واحدة من أقدم العقائد في العالم اتخذ بعداً آخر مع اهتمام الفلاسفة والفنانين بها، وكان الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور (1788–1860) في طليعتهم، كما ظهرت الموضوعات والمبادئ ذات الصلة بالبوذية في الشعر والرواية الأوروبية أيضاً.

"الروحانيّة البوذيّة: طرق الوعي بالزّمن واليقظة بالوجود" عنوان المحاضرة التي تقدّمها أستاذة الحضارة الإسلامية والباحثة التونسية سارة الجويني حافيز عند العاشرة من صباح الثلاثاء المقبل في "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون/ بيت الحكمة"، في قرطاج بالقرب من تونس العاصمة.

تتناول المحاضِرة الديانة البوذية، بوصفها تنتمي إلى ذلك التراث الرّوحي المشترك من حيث تقاطع مداليلها والوعي بأسرار الوجود انطلاقا من الشّخصيّة المحوريّة الملهمة "بوذا قوتاما" واستلامه مقاليد التّأمل في ظلّ شجرة البو "التين" حيث تستقرّ مفردات التّفكّر والخلوة وما يستتبع ذلك من تذوّق سعادة الخلاص "النيرفاني". وفي الأدبيّات البوذيّة إنضاج لنظرة الإنسان بما هو كائن متحوّل يعتريه الفناء خاصّة وأنّ تعاليمه تشي بتآلف الأرواح والتحامها الزّمني المؤقت، وقد أكّد بوذا أو المستنير أنّ الجسد لا يمتلك الروح وإنّما ينشأ من سلسلة متّصلة هي علّة الوجود والفناء.

وتشير حافيز إلى أن البوذي يعمل على تدمير النّظرة المتمركزة حول الذّات، ويستغرق في الملأ ويتمثّل معنى الهيوليّ الذي نطقت به الحكمة الصّوفيّة القريبة من توجه "البوذيفستا" ورغبته في تحطيم قيود الشهوة والدّخول في حالة الغبطة أو بمعنى إفناء الوجود في وجود آخر والوصول إلى أعلى درجات الصّفاء الروّحي أو ما يطلق عليه مرتبة اليقظة والصّحوة والتّخلي.

كما توضّح أن البوذيّة تشهد اليوم انتشاراً من حيث تميّزها بذلك التّأمل الدوري اليوغي على الرّغم من توغّلها في التّاريخ وفعل التّاريخ فيها، وعليه يمكن أن نسلّط على هذه الدّيانة الغارقة في القدم بعض القراءات الأنثروبولوجيّة والسيميائيّة من حيث مباشرتها للفعل الطّقسي داخل الفضاء الروحي المرمّز.

وتختم حافيز بالحديث عن فلسفات الدّين عموماً التي تبقى لها طرقها في تطارح أسئلة الوجود والعدم والفراغ والمكان والزمان، مثلما طرحته ملحمة الهند الكبرى "المهابهاراتا" وما تضمّنه الفكر الدّيني البوذي خاصّة من ضرورة الوعي بالزّمن واليقظة بالوجود.
 

المساهمون