رحيل هاورد بيكر.. أفكار تأسيسية في علم اجتماع "الغرباء"

رحيل هاورد بيكر.. أفكار تأسيسية في علم اجتماع "الغرباء"

18 اغسطس 2023
هاورد بيكر (1928 - 2023)
+ الخط -

ينتمي عالِم الاجتماع الأميركي هاورد بيكر (1928 - 2022)، الذي غادر عالمنا أمس الخميس في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، إلى "مدرسة شيكاغو الثانية" لعلم الاجتماع، والتي تضمّ أسماء مثل إيرفينغ غوفمان (1922 - 1982) وأنسيلم ستراوس (1916 - 1996).

درس بيكر، خلال الخمسينيات، في "جامعة شيكاغو" التي سيُدرّس فيها علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية لثلاث سنوات بعد حصوله على درجة الدكتوراه منها، قبل أن ينتقل إلى "جامعة نورث وسترن" لتدريس التخصُّص نفسه منذ 1965 وحتى 1991؛ السنةِ التي سيلتحق فيها بـ"جامعة واشنطن" للعمل أستاذاً في علم الاجتماع، وأستاذاً مساعداً للموسيقى ابتداءً من عام 1996 وحتى تقاعُده عام 1999.

برز بيكر في مجال سوسيولوجيا الانحراف، من خلال كتابه "الغرباء" (1963)، الذي يُعدّ أبرزَ مؤلّفاته، والذي أعاد فيه تعريف الانحراف على أنّه نتيجةٌ للتفاعلات الاجتماعية، وبكونه مجرَّد تركيب اجتماعي يُستخدم لإقناع الجمهور بتجريم مجموعات معيَّنة وبالخوف منها؛ حيث رأى أنّ أفعال الفرد بحدّ ذاتها ليست هي ما تُصنّفه على أنه عاصٍ أو منحرف، وإنّما نظرة الآخرين إليه.

الصورة
كتاب الغرباء
كتاب "الغرباء" (1963)

وعُدّ هذا العمل تأسيسيّاً لـ"نظرية الوصم" وتطبيقاتها على دراسات الانحراف، وقد درس فيه بيكر مجموعتَين "منحرفتَين"؛ هُما متعاطو الماريغوانا والموسيقيّون الذين وجد أنّهم، بوضعهم أنفسَهم في مواجهة مع غير الموسيقيّين، يُسهمون في عزل أنفسهم، وفي اعتبارهم منحرفين.

في عام 1973، أعاد بيكر إصدار الكتاب مع فصل جديد بعنوان "إعادة النظر في نظرية الوصم"؛ حيث أجاب فيه عن الانتقادات التي رأت أنّ النظرية لا تُقدّم تفسيراً لأسباب الانحراف، مُعتبراً أنّ هدفها لم يكن تفسير الانحراف على أنّه مجرّد نتيجة للمؤثّرات الخارجية، بل لفت الانتباه إلى التصنيفات التي تدفع بالفرد إلى القيام بأفعال مستهجَنة.

كان هاورد بيكر موسيقياً أيضاً؛ وهو المجال الذي درسه في كتبٍ عدّة؛ من بينها كتابُه "عوالم الفنّ" الذي صدر عام 1982، ودرس فيه الفنّ، على خلاف الأعمال السابقة في علم اجتماع الفن، باعتباره مهنة أو عملاً جماعياً، ورأى أنّ الأفراد الذين يُنظر إليهم على أنّهم غير مندمجين بشكل كافٍ في مجتمعاتهم هُم في الواقع مندمجون جدّاً في مجموعاتهم الفرعية التي ينتمون إليها.

المساهمون