رحيل كواسي ويريدو.. حياة من أجل مفاهيم أفريقية

رحيل كواسي ويريدو.. حياة من أجل مفاهيم أفريقية

10 يناير 2022
نورمان ليوس، زيت على لوح ليفي، 1965
+ الخط -

مع رحيل المفكّر والأكاديمي الغاني كواسي ويريدو، أوّل من أمس السبت، عن تسعين عاماً، تخسر القارّة الأفريقية واحداً من أبرز أصواتها الفلسفية في العقود الماضية، ليس من حيث الانتماء إليها فحسب، بل أيضاً من حيث أن ويريدو كرّس حياته وأعماله للتفكير بعلاقة القارّة بالتفلسف، بإمكانيات هذه العلاقة وبما يمكن فعله لإصلاحها ودفعها إلى الأمام.

وُلد ويريدو في مدينة كوماسي عام 1931، واكتشف الفلسفة أثناء الدراسة، يافعاً، ليجمع بين قراءات لنصوصها الأولى وبين اطّلاع على أعمال عدد من أحدث مفكّريها في ذلك الوقت، مثل برتراند راسل. بعد حصوله على إجازة في الفلسفة من "جامعة غانا" (1958)، سينتقل إلى المملكة المتّحدة لإكمال دراسته، حيث سينال درجة الدكتوراه من "جامعة أكسفورد".

الصورة
كواسي ويريدو
كواسي ويريدو

عمل المفكّر الغاني في التدريس لسنوات طويلة، ولم يأتِ عمله الأوّل، والأساسي، "الفلسفة والفكرة الأفريقية"، إلّا في عام 1980. وإن كانت مسألة العلاقة بين القارّة الأفريقية والفلسفة قد طُرحت قبل صدور هذا العمل، ولا سيّما في ما عُرف بـ"الفلسفة الإثنوغرافية"، إلّا أن ويريدو قدّم نظرةً مختلفة وناقدة لهذا الاقتراح القائل بفكر أفريقي قائم على العادات والتقاليد القديمة، والذي يُعيد إنتاج المركزية الغربية وأفكارها من حيث لا يعلَم.

على أنّ رفْض هذا المنظور الإثنوغرافي لم ترافقه دعوة إلى التغريب وتقليد الحداثة الأوروبية بشكل أعمى، بل جاء، على العكس، مدّعماً بخطاب يدعو إلى نزْع البُعد الاستعماري عن العديد من المفاهيم الفلسفية، وهو ما عبّر عنه في كتابه، الأساسيّ الآخر، "نحو نزْع الاستعمار عن الفلسفة والدين الأفريقيّين" (1998)، الذي دعا فيه إلى الخروج من التصوّرات المسبقة عن فكرٍ أفريقيّ محكوم بالتقليدية.

هكذا، جمع كواسي ويريدو، طيلة مسيرته الفكرية، بين القول بضرورة أن تكون الحقيقة الفلسفية، والحقيقة بشكل عام، ابنةَ اللغة والثقافة التي تولد فيهما، أي أنّ عليها أن تكون مكتوبةً ومفكّراً بها من داخل القارّة ومن داخل اهتماماتها، وبين ضرورة الانفتاح على تاريخ الفلسفة، الذي هو تاريخٌ كونيّ بالضرورة، ويضمّ، إلى جانب القارة الأفريقية، تاريخ الفكر الغربي والعربي وغيرهما.

المساهمون