رحيل فاطمة العرارجي.. بحرٌ يسكن اللوحة

رحيل فاطمة العرارجي.. بحرٌ يسكن اللوحة

01 فبراير 2022
(فاطمة العرارجي، 1931 - 2022)
+ الخط -

رحلت أول أمس الإثنين الفنانة التشكيلية المصرية فاطمة العرارجي (1931 – 2022) التي قدّمت ــ على مدار أكثر من ستّة عقود ــ أعمالاً تصوّر الحياة اليومية في عدد من المدن الساحلية في مصر، وتنتمي في معظمها إلى الواقعية والانطباعية.

وُلدت الراحلة في مدينة الإسكندرية ببيتٍ اهتمّ بالسياسة والشأن العام، حيث كان والدها محمد العرارجي أحد رموز ثورة 1919، ونالت إجازةً من "كلّية الفنون الجميلة" في القاهرة عام 1955، ودبلوم الدراسات العليا من "أكاديمية الفنون" في روما عام 1973.

أقامت العرارجي معرضها الأول في "متحف الفن المصري الحديث" سنة 1958، والذي تضمّن أعمالاً تتنمي إلى الفترة التي أمضتها في مدينة الأقصر ضمن بعثة دراسية آنذاك، حيث اجتذبتها الطبيعة التي يمثّلها وادي النيل الذي تحيط به شرقاً الحقول الخضراء، وغرباً رمال الصحراء.

الصورة
(من أعمال فاطمة العرارجي)
(من أعمال فاطمة العرارجي)

يعتمد أسلوب الفنانة على إعادة إنتاج المشهد الطبيعي في أشكال بسيطة يتمّ التلاعب في أبعاده من أجل إبراز العمق في اللوحة بمستويات عدّة، مع اهتمام بالغ بالعنصر اللوني الذي تعيد من خلاله إعادة إنتاج الواقع من حولها في صيغ وتكوينات جديدة.

إلى جانب ذلك، عبّرت العرارجي في أعمال أخرى عن الأحداث السياسية والاجتماعية حيث شاركت مع مجموعة من الفنانين في معرض مفتوح أُقيم بالقرب من الجامع الأزهر في إدانة للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وقدّمت لوحات تصوّر الدمار الذي لحق ببورسعيد في تلك الفترة، لتعود وتتناول المدينة في أعمال أخرى لاحقاً.

كما نظّمت معرضاً خاصّاً تضمّن لوحات حول الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وثّقت خلالها انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، لتعود مرّة أخرى للاحتفاء ببطولات الشعب الفلسطيني عند اندلاع الانتفاضة الثانية سنة 2000 في جملة رسومات نفّذتها بالحبر الصيني الأسود.

عملت العرارجي أستاذةً للتصوير في "كلية الفنون الجميلة" بالإسكندرية لعقود عدّة، كما شاركت في معارض فردية وجماعية في روما وفلورنسا وباريس وموسكو وفرانكفورت وساو باولو، إلى جانب معارضها في الإسكندرية والقاهرة والأقصر ومدن مصرية أخرى.

كتبت أستاذة التصوير أمل نصر على صفحتها في "فيسبوك": "للفنانة فاطمة العرارجي مدخل ميتافيزيقي آخر ينحو نحو الكونية، ويقدّم تصوّرات خيالية كما لو كانت تقدّم حلماً ترنو فيه إلى تصوير الحياة إبّان وجودها الأوّل، فتصوّر في توحُّدٍ تام الكائنات والطبيعة بطينةٍ واحدة تمزج الأرض بالسماء، والإنسان بالحيوان، والشجر بالطيور، في نزوع فكري إلى فلسفات شرقية قديمة آمنت بوحدة الوجود واتّساقه...".

المساهمون