ذكرى ميلاد: محمود أحمد السيد.. بدايات الرواية العراقية

ذكرى ميلاد: محمود أحمد السيد.. بدايات الرواية العراقية

14 مارس 2022
(بغداد في منتصف الثلاثينيات)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم الرابع عشر من آذار/ مارس ذكرى ميلاد القاص والروائي العراقي محمود أحمد السيد (1903 – 1937).


يلفت الباحثان علي جواد الطاهر وعبد الإله أحمد في تقديم الأعمال الكاملة لمحمود أحمد السيد الذي تمرّ اليوم الإثنين ذكرى ميلاده، إلى أن المناخات الأدبية في العراق خلال عشرينيات القرن الماضي لم تستوعب فناً جديداً متمثلاً في القصة والرواية اللتين كانتا حكراً على ثقافات أمم أخرى، لذلك بدت المحاولات السردية الأولى تائهة دون توجيه أو اهتمام.

ويوضحان أن نصوص القاص والروائي العراقي (1903 – 1937) في بداياته كان يشوبها الكثير من الضعف لعدم إدراك صاحبها الفن القصصي بعد، حيث امتازت بغلبة الطابع الرومانسي واللغة الإنشائية البعيدة عن لغة القصّ، كما أن أفكارها أتت بأسلوب تقريري يقترب من الوعظ، إلا أن السيد كان الأكثر حساسية بين أبناء جيله، مهيمناً عليه التشاؤم الذي قاده لاحقاً إلى تقديم أعمال أكثر نضجاً.

على صفحات الجرائد العراقية مثل "الفضيلة" و"الاستقلال" و"الصحيفة، ستظهر مجموعة مقالات للسيد عقب 1924، تعكس تطوراً في أسلوبها، وتمكّناً من فنها، بحيث تتجلى فيها وحدة الموضوع ووضوحه وجودة اللغة، إلى جوار نصوص قصصية بدت أكثر واقعيةً وبراعة في التقاط وتسجيل أحداث وشخصيات وظوهر في المجتمع العراقي الناشئ، وكذلك برزت نزعة تحليلية ولغة أعمق في الوصف والابتكار.

في عام 1928، كتَب نصاً بعنوان "جلال خالد" التي يعتبرها الكثير من النقاد أول عمل روائي في العراق

شكّل الأدب الروسي مرجعية أساسية عند السيد، حيث انكبّ على قراءة أعمال أنطون تشيخوف ومكسيك غوركي وفيودر دويستويفسكي وإيفان تورغينيف وغيرهم، بالإضافة إلى اطلاع على نماذج من الأدب التركي التي نزعت حينها نحو الحرية والتحديث، بل دوّن تنظيراته حول فن القصة الذي انحاز إليه على نحو متطرف، داعياً إلى تصوير الحياة الاجتماعية وإبراز تناقضاتها.

في عام 1928، كتب السيد روايته القصيرة "جلال خالد" التي يعتبرها الكثير من النقاد أول عمل روائي في تاريخ الأدب العراقي، وقدّم له بالقول: "هذه القصة موجزة وهي لا يجازيها لا تماثل القصص التحليلية الكبيرة ذوات التفاصيل الدقيقة، فأنت تراها أشبه شيء بالمذكرات أو الحديث، وهي حقيقية استندت في كتابتها إلى مذكرات صاحبي جلال خالد الخاصة ورسائله إلى أصحابه ورسائلهم إليه..".

الصورة
محمود أحمد السيد
محمود أحمد السيد

رغم وجود هنات عديدة في الرواية بسبب بناء أحداثها المفكك في كثير من مواضعه وضعف تصوير العديد من شخصياته، إلا أن النص حمل بنية رواية لا تخلط بين القصة والمسرح، وثبّت السيد عتبةً تشير إلى مناهضة كاتبها للاستعمار البريطاني، حيث دوّن السيد في بدايتها: "مهداة إلى فتية البلاد التي تريدها على الجهاد في سبيل الحرية والحق".

ولد السيد في بغداد ونشأ في كنف أسرة دينية، حيث كان والده مدرساً في جامع الحيدرخانة وكان جدّه من رجال الدين أيضاً، وتلقى تعليمه في المدرسة السلطانية التي تخرّج منها سنة 1918 وعين موظفاً في عدد من الدوائر الرسمية، وزاول الكتابة في صحف عراقية وعربية حتى أصيب بمرض عضال تسبب في رحيله عام 1937.

ترك الراحل مجموعة روايات منها "في سبيل الزواج" (1921)، و"مصير الضعفاء" (1922)، و"النكبات" (1922)، وعدد من المجموعات القصصية مثل "في ساعٍ من الزمن" (1925) و"الطلائع" (1929).
 

المساهمون